(... لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً). (١)
وكذلك فَعَلَ النبي موسى بن عمران عليهالسلام حينما حقّر عمل السحرة بقوله :
(... ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ ...). (٢)
ولذلك نرى أنّ أوّل من آمن بموسى ـ بعد إبطال سحرهم ـ هم السحرة أنفسهم ، وذلك لأنّهم علموا علماً يقينياً بأنّ ما جاء به موسى خارج عن إطار السحر وفنونه ، وأنّه ينبع من قدرة عليا وذلك لعلمهم بفنّ السحر وطرقه ، وعلموا أنّ العلّة في هزيمتهم أمام موسى هو اعتمادهم على القدرة المحدودة للإنسان ، والحال أنّ الأنبياء يتّكئون على القدرة اللامحدودة لله سبحانه ويستمدون العون منها.
٤. بما أنّ عمل المرتاضين والسحرة معلول للتعليم والتمرين فانّه يقع في إطار خاص غير قابل للتنوع ، فعلى سبيل المثال يقوم المرتاض وعلى أثر الرياضة التي يمارسها بتعطيل حركة القطار مثلاً ، ولكنّه يعجز عن القيام بعملٍ آخر خارج عن حدود تلك الرياضة التي مارسها ، والحال انّ معاجز الأنبياء متنوّعة ومتعدّدة ، وذلك لأنّها مطابقة لمقتضيات الزمان وتابعة للطلبات المختلفة للناس ، ولذلك نقرأ في خصوص عصا موسى انّها تحوّلت إلى ثعبانٍ مبين. (٣)
وبضرب موسى الحجر بنفس هذه العصا انفجرت منه اثنتا عشرة عيناً (٤) وبضربه البحر (فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ). (٥)
__________________
(١). الإسراء : ٨٨.
(٢). يونس : ٨١.
(٣). الأعراف : ١٠٧.
(٤). البقرة : ٦٠.
(٥). الشعراء : ٦٣.