إنّ التقرّب من الله ليس قرباً مكانياً ولا اجتماعياً ولا مجازياً ، بل هو قرب واقعي وحقيقي يحصل عليه العباد في ظل إطاعة الله وعبادته والإخلاص في العمل ، ويرتقون في سلّم التكامل ، ويقتربون من الله بحيث تقل الفاصلة بينهم وبين الله سبحانه.
من الممكن أن يطرح السؤال التالي : إذا كان الله تعالى منزّهاً عن المكان وانّ القرب منه ليس قرباً اجتماعياً ولا مكانيّاً ، إذاً ما المقصود من «القرب الإلهي» وعروج العبد وقربه منه؟
وجواب عن السؤال : هو أنّ إله العالم كمال مطلق وغير محدود ، والسائرين في طريق العبودية في ظل الكمالات التي يكسبونها من هذا الطريق يحصلون على كمالات غير متوفّرة لدى غيرهم ، ولذا يقتربون من الله تعالى.
ففي عالم الخلق كلّ إنسان يقترب من الله بنسبة كماله ، ولكن كلّما اشتدّ كمال الإنسان ازداد قربه من الذات الإلهية التي هي الكمال المطلق واللامحدود.
ومن المسلّم أنّ الملائكة وفي ظل الكمال الذي يملكونه أقرب إلى الله تعالى من كثير من الموجودات ، ومن هذه الجهة بعضهم «حاكم ومطاع» ، وبعضهم الآخر «مطيع» و «مأمور».
ثمّ إنّ مرتبة الإنسان من الناحية الوجودية أعلى من الجمادات والنباتات والحيوانات وأقرب إلى الله تعالى ، والمعيار في القرب والبعد ، هو ذلك الكمال الوجودي الذي يقرّبه من مركز الكمال المطلق.
وإضافة إلى الكمالات المتوفرة لدى الإنسان ـ بحكم الضرورة ـ يستطيع الإنسان من خلال سلوك طريق العبودية وإقامة الفرائض الدينية أن يحصل على