يعجز الجميع عن مواجهته ومعارضته ولا يشكّ أحد في عظمة تعاليم وقوانين ومفاهيم ذلك الكتاب ، ولا شكّ أنّه وبحساب الاحتمالات والمحاسبات العقلية يستحيل على إنسان لم يقرأ ولم يكتب وقد عاش في مجتمع جاهلي ومحيط متخلّف أن يأتي ـ وبدون الاستعانة باليد الغيبة ـ بمثل هكذا كتاب عظيم في كلّ جوانبه.
٢. انّ هذا النبي قد ذكرت خصائصه وصفاته في الكتب السماوية السابقة كالتوراة والإنجيل ، وأنّها ما زالت عند أتباعها من اليهود والنصارى وانّه قد بشّر به كلّ من النبي موسى وعيسى عليهماالسلام ، حيث قال سبحانه :
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). (١)
والشاهد على أنّ المقصود من لفظ «الأُميّ» هو الشخص الذي لا يقرأ ولا يكتب الآية التالية :
(وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ). (٢)
إنّ مجيء جملة «لا يعلمون» بعد كلمة «أُمّيّون» وهذا يعني أنّ قول : (لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ) جملة تفسيرية لقوله : (أُمِّيُّونَ) بمعنى أنّ طائفة من اليهود فاقدة للثقافة وغير قادرة على القراءة والكتابة يجهلون واقع كتابهم الذي أُنزل
__________________
(١). الأعراف : ١٥٨.
(٢). البقرة : ٧٨.