ولكن الطريق الصحيح الذي تُنال به السعادة الدنيوية والأُخروية هو طريق التذلّل والخضوع في مقابل ساحة القدس الإلهي ، ومن خلال طيّ طريق العبودية لله سبحانه وكسب المقامات والقدرات الروحية والنفسية ثمّ السيطرة على النفس والعالم.
ولقد أشار الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في ضمن حديث ـ إلى المقامات العالية لسالكي طريق الحق والسائرين في طريق العبودية والطاعة ومنزلتهم لدى الله سبحانه في الحديث القدسي المعروف :
«ما تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدٌ بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لِيتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّافِلَةِ حَتّى أُحِبَّهُ ، فَإِذا أحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الّذي يُبْصِرُ بِهِ وَلِسانَهُ الَّذي يَنْطِقُ بِه ، وَيَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِها ، إِنْ دَعاني أَجَبْتُهُ ، وَإِنْ سَأَلَني أعْطَيْتُهُ». (١)
إنّ الإمعان في هذا الحديث القدسي يكشف لنا وبوضوح عظمة الكمال الإنساني الذي يكتسب في ظلّ القيام بالفرائض والإتيان بالنوافل بحيث تصل القدرات البشرية إلى حدٍّ تستطيع معه ـ وبالاستعانة بالقدرة الإلهية ـ أن تتلقّى الذبذبات الصوتية التي تعجز عن إدراكها القدرات والإمكانات العادية والطبيعية ، ويرى الصور والأشباح التي تعجز عن رؤيتها كذلك ، وبالنتيجة تتحقّق كلّ رغباته وأغراضه.
ولا شكّ أنّ المقصود من قوله : «كنت سمعه ... وبصره» هو أنّ ذلك الإنسان وفي شعاع القدرة الإلهية يكون بصره أنفذ ، وسمعه أشدّ ، وقدرته أوسع. (٢)
__________________
(١). أُصول الكافي : ٢ / ٣٥٢ ، طبعة دار الكتب الإسلامية.
(٢). منشور جاويد : ٥ / ١٧٠ ـ ١٧١.