والوقائع اليومية ، وذلك لأنّ الاشتباه في هذه الموارد يسلب اعتماد الناس عليه ويؤدّي إلى التشكيك في التعاليم التي جاء بها.
تنبيه : لا يتوهّم انّنا ندّعي الملازمة بين الخطأ والاشتباه في الوظائف وبين الخطأ في تبليغ التعاليم والأحكام ، إذ من الممكن أن يكون الإنسان معصوماً من قبل الله تعالى في القسم الثاني ، لكنّه لا يكون معصوماً في أُمور حياته الاعتيادية ، فقد يقع في الخطأ والاشتباه والزلل فيها ، ولا شكّ انّ التفكيك بين الحالتين صحيح جدّاً.
إنّ هذا التفكيك من الأُمور الجليّة والمقبولة عند العلماء والمفكّرين ، ولكنّ الكلام هنا مع الناس الآخرين الذين لا يستطيعون التمييز بين تلك المسائل ولا ينظرون إلى حالة التفكيك بين القضيتين ، بل ينظرون إلى الجميع نظرة واحدة ويسوقون الجميع بعصا واحدة ، ويرون أنّ وجود الشكّ والترديد أو الخطأ والاشتباه في الحياة الاعتيادية للنبي موجب لنمو حالة الشكّ والترديد في بقية الأُمور المتعلّقة بالنبوة.
إنّ الله سبحانه وتعالى من أجل تحقّق الغرض من البعثة وأهدافها لا بدّ من أنْ يجهز ويزود النبي بصفة العصمة ، لكي لا تخدش حالة الاعتماد على النبيّ بين الناس ولو يسيراً ، أي أنّ حالة الوثوق والاعتماد تبقى بدرجة مائة بالمائة. وحينئذٍ ستتحقّق أهداف ومقاصد البعثة التي تتمثل في تربية الناس وهدايتهم إلى طريق الخير والصلاح. لقد روي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «روح القدس تحمل النبوة ، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يسهو». (١)
إلى هنا تمّ الكلام في بيان حكم العقل بوجوب عصمة الأنبياء من الخطأ
__________________
(١). بصائر الدرجات : ١٣٤.