والفيض الإلهي الذي يجعل صدور كلّ ذلك من قبيل «المحال العادي» ويضفي عليهم نوعاً من القداسة والطهارة ، فإذاً هذا القسم من الآيات ناظر إلى الجوانب البشرية للأنبياء فقط ولم تكن هنا مسألة العصمة والمصونية من الخطأ مطروحة ، وإذا ما كان الأنبياء معصومين ومنزّهين من الخطأ ، فإنّ ذلك لسبب آخر وهو كونهم موجودات إلهية يستحيل عليها أن تلج باب المعصية والذنب.
٢. انّ هذه الآيات جميعها تركّز على الجانب التربوي ، والهدف منها تعريف الناس بوظائفهم وتكاليفهم أمام الله سبحانه من خلال مخاطبة شخص النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا ريب انّ هذا النوع من أُسلوب الخطاب الحاد والشديد اللحن لا يثير التعصّب الجاهلي والعناد ، بل يؤدّي إلى خضوعهم لتلك التعاليم وحثّهم وتحريكهم نحو الإيمان بالرسالة حيث يتساءلون حينئذٍ مع أنفسهم إذا كان النبي الأكرم مع عظمته وجلاله وقداسته يخاطب بتلك الخطابات الحادة على فرض صدور الذنب والخطأ منه وانّه يوبّخ بهذه الطريقة الحادّة ، فما ذا سيكون الموقف منّا يا ترى إذا ارتكبنا تلك الذنوب ووقعنا في الخطأ؟!
وعلى ذلك تكون الآيات واردة بطريقة «إيّاك أعني واسمعي يا جارة» ، ولا ريب أنّ هذا الأُسلوب من الأساليب المثلى والصحيحة في التربية وتبيين الحقائق ، انّ الذين تمسّكوا بهذا النوع من الخطابات لدعم أفكارهم الخاطئة لا ريب أنّهم يجهلون ألف باء المعارف القرآنية ولا يفهمون من أُصول التربية الصحيحة شيئاً. وفي الالتفات إلى هذا الأصل يتّضح جلياً عدم صحّة أيّة فكرة تشير إلى عدم عصمة النبي الأكرم.