بنحو القضية الشرطية ولكن بلحن حاد وبأُسلوب تهديدي وتوبيخي ، نذكر منها آيتين فقط هما :
(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ). (١)
وقوله سبحانه : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ). (٢)
إنّ جميع الإنذارات والتقارير الواردة بصورة الشرط «إذا» لا تدلّ على تحقّق الطرفين لكي تكون دليلاً على نفي العصمة. ولكن يبقى هنا سؤال يطرح نفسه وهو إذا كانت هذه الآيات لا تدلّ على نفي العصمة ، فما هو الهدف يا ترى من طرح مثل تلك القضايا الشرطية التي لا تتحقّق وبصورة عملية أبداً؟
ويمكن الإجابة عن هذا التساؤل من خلال الإشارة إلى وجهين من الوجوه المتنوعة التي ذكرت لبيان فلسفة طرح تلك القضايا الشرطية.
١. انّ هذه الآيات تخاطب النبي بما أنّه إنسان ذو غرائز بشرية ، أي انّها ناظرة إلى الطبيعة الإنسانية للنبي والتي لا يمتنع صدور الذنب والخطأ والمخالفة منها ، وذلك لأنّ الأنبياء من طبيعة البشر ومن جنسهم وليسوا من جنس آخر فوق البشر لكي لا يتصوّر صدور الذنب والخطأ منهم ، بل أنّهم بشر كباقي الأفراد معرّضون للخطأ والاشتباه والتوبيخ لو لا العناية الإلهية واللطف الإلهي الذي يحوطهم ، وهذا ما نطلق عليه مصطلح العصمة ، فلولا ذلك فإنّ صدور الذنب والخطأ مترقّب منهم والذي يمنع من وقوعه هو العناية الإلهية
__________________
(١). الزمر : ٦٥.
(٢). الحاقة : ٤٤ ـ ٤٧.