ريب فيه أنّ من يكون كذلك لا يمكن أن يتطرّق الشكّ والريب إلى قلبه وفكره ، وعلى هذا الأساس لا بدّ أن تكون الآيات التي تخاطبه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن لا يكون من الممترين لم تكن متوجهة إليه حقيقة ، بل جاءت لتذكير المسلمين بأن لا يقعوا فريسة سهلة أمام كيد المخادعين ولا ينجرفوا مع تيار المفترين وأن لا يتأثروا بالكلام الفارغ والدعايات الواهية لهؤلاء وأن لا يلقوا بأنفسهم في جحيم الريب والشكّ.
٢. انّ الله سبحانه خاطب نبيّه في مسألة الحكم التي مرّ تفصيلها سابقاً في البحث عن أدلّة عصمة النبي عن الخطأ والاشتباه حيث قال سبحانه : (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً). (١)
وقال سبحانه في آية أُخرى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً). (٢)
إنّ هذا النوع من الخطابات يصلح لهداية وإرشاد طائفة من الناس الذين لا يتحمّلون الصراحة ، وكأنّ لسان حالهم يقول : النقد جيد ولكن بشرط أن يتوجّه للآخرين فقط.
ومن هذا المنطلق فإنّ أفضل وسيلة وأسلم طريق لمخاطبة هؤلاء هو استعمال الخطاب غير المباشر ، لأنّ الخطاب غير المباشر مهما كان حاداً ومُرّاً فإنّه لا يُثير ردود فعل شديدة اتّجاههم ، لأنّه موجّه للآخرين.
ولا ريب انّ النبي الأكرم كان مجبوراً على القضاء والحكم في مسألة الدرع المسروقة وأن يكون حكمه طبقاً لقواعد وقوانين القضاء التي تعتمد على الشواهد
__________________
(١). النساء : ١٠٧.
(٢). النساء : ١٠٥.