الظاهرية ولم يكن صلىاللهعليهوآلهوسلم مدافعاً وسنداً للخائنين ، ولكن تلك القواعد والضوابط القضائية قد لا تصيب الواقع ، وفي النتيجة يضيع حق إنسان بريء ، ولذلك نجد أنّ اللطف والعناية الإلهية قد امتدّت إلى النبي الأكرم على الفور لتطلعه على حقيقة الأمر (بِما أَراكَ اللهُ) ولتنقذه صلىاللهعليهوآلهوسلم من الوقوع في الخطأ أو الاشتباه في الحكم.
ولكنّه سبحانه أراد بذلك الخطاب الحاد تحقير وإسقاط تلك المجموعة التي سعت عالمة للدفاع عن السارق والشهادة زوراً ببراءته من السرقة ، فوجّه سبحانه الخطاب إلى النبي الأكرم لتعرف تلك الطائفة خطورة وقبح العمل الذي ارتكبته ، ولتعرف موقعها في هذه الواقعة الدنيئة.
٣. انّ الله سبحانه وتعالى قد أصدر في سورة الإسراء مجموعة من الأوامر الحكيمة التي عبّرنا عنها بعنوان «منشور جاويد» أي «الميثاق الخالد» ، وانّ هذه الأوامر الحكيمة تبدأ وتنتهي بمضمون واحد حيث قال سبحانه : (لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً). (١)
وفي ختام ذلك الميثاق يقول سبحانه : (... وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً). (٢)
إنّ نظرة تحليلية إلى هذه الخطابات والأوامر تظهر بأنّها واحدة وانّها ـ جميعاً ـ ناظرة إلى جهة واحدة أو جهتين هما :
١. إنّ صدور الذنب أو الخطأ من المعصوم ـ باعتباره إنساناً ـ أمر ممكن ومتوقع ، وإنّ هذه الخطابات ناظرة إلى هذه الخصيصة ـ الجانب البشري في
__________________
(١). الإسراء : ٢٢.
(٢). الإسراء : ٣٩.