يكون فيها الإتيان بالمعجزة نافعاً ومفيداً لهداية الناس وإرشادهم إلى الطريق القويم ، حكمه في ذلك حكم من سبقه من الأنبياء الذين ذكرهم في كتابه.
وأمّا إذا قلنا : إنّه نابغة من النوابغ ، وإنّه مصلح اجتماعي ، وإنّه يريد من خلال نبوغه الفكري وقوة شخصيته هداية البشرية وإن كان قد صبغ أفكاره ونظرياته بصبغة النبوّة وأوحى إلى الناس بأنّه نبي مرسل ، فلا ريب أنّ مثل هكذا إنسان والذي يتميّز بالعبقرية والنبوغ لا يخفى عليه خطورة البحث عن حياة الأنبياء السابقين ، وادّعاء أنّ كلّ نبيّ لا بدّ أن تكون دعوته مقرونة بالمعجزة ، لأنّه حينئذٍ يكون قد أعطى الناس الذريعة بل الورقة الرابحة في مطالبته بالإتيان بالمعجزة كباقي الأنبياء إلزاماً له بما ادّعاه ، وليس بإمكانه حينئذٍ السكوت أمام ذلك الطلب أو الهروب منه.
ولهذا السبب نجد أنّ منتحلي النبوة كذباً ينكرون معاجز الأنبياء ، أو يحاولون وبكلّ جهد تأويل ما يدلّ على صدور المعجزة من الأنبياء ، وما ذلك إلّا تخلّصاً من الإحراج فيما إذا طالبهم الناس بالمعجزة ولكي لا يفتضح أمرهم وينكشف زيفهم أمام الملأ ، وهذا على العكس تماماً من سيرة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث كان يؤكّد دائماً وباختيار منه ـ أي من دون أن يطلب الناس منه ذلك ـ وبصراحة تامّة على معاجز الأنبياء السابقين ، بل يؤكد على أنّ دعوى الرسالة مقرونة دائماً بطلب المعجزة.
وعلى هذا الأساس كيف يمكن لمثل هذا الإنسان أن يتخلّص من طلب المعجزة؟ وكيف يتسنّى له الهروب من ذلك الموقف الحرج إذا كان كاذباً ، نعوذ بالله من ذلك؟!
خلاصة القول : إنّ الإمعان فيما ذكرناه يوضّح لنا بما لا ريب فيه أنّ النبي