لم يكن فاقداً للمعجزة ، وإنّ ما زعمه القساوسة ـ في هذا المجال ـ باطل ، وذلك لأنّه :
١. انّه صلىاللهعليهوآلهوسلم صرح بما لا ريب فيه أنّ ادّعاء النبوة والرسالة يلازم طلب المعجزة ، أي أنّ مدّعي النبوة يطالبه الناس بالإتيان بالمعجزة والأُمور الخارقة للعادة لإثبات صدق مدّعاه.
٢. انّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أثبت وبضرس قاطع صدور المعجزة والأُمور الخارقة للعادة على أيدي الأنبياء السابقين.
٣. انّه ادّعى كونه خاتم الأنبياء والمرسلين وانّه أفضلهم. ومن المعلوم أنّ «الأفضلية» تقتضي أن تجري المعجزة على يديه كباقي الأنبياء إن لم نقل بجريانها بصورة أكمل وأفضل ، لأنّه من غير الصحيح أن يدّعي الإنسان الأفضلية لنفسه على الآخرين ولكنّه في نفس الوقت فاقد لصفات كمالية متوفرة عند من هم أدنى منه مرتبة وفضلاً. فهل من الصحيح أن يدّعي إنسان أنّه سيد الأطباء والعالم الذي لا يجارى في ميدان الطب وأنّه أفضل من جميع أطباء الدنيا وفي نفس الوقت يعترف بعجزه عن معالجة بعض الأمراض ويرى أنّ من هو أدنى منه رتبة أقدر على علاج تلك الأمراض المستعصية؟!
فكلّما قلنا : إنّ النبي محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم رسول مبعوث من قبل الله ، فلازم ذلك أن يكون مزوّداً بالمعجزة كباقي الأنبياء ، وأمّا إذا قلنا : إنّه مفكّر ومصلح اجتماعي فحينئذٍ لا ينبغي له الاعتراف بنظرية المعجزة وإنّ كلّ نبيّ لا بدّ أن يأتي بأُمورٍ خارقة للعادة ، بل ينبغي عليه كسائر المدّعين للنبوة كذباً أن ينكر أصل المعجزة وبصورة كليّة لكي لا يقع في الحرج.
إنّ هذه المحاسبات الإجمالية تكفي أن تكون دليلاً للمنصفين