المعجزة الثانية : معراج النبي
إنّ الإسراء بالنبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى من المعاجز التي ادّعاها النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لنفسه وأكّدها القرآن الكريم وبصراحة تامّة حيث قال سبحانه : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). (١)
ولا شك أنّ هذه الرحلة الطويلة وفي منتصف الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى والتي تمّت في فترة قياسية في زمن كانت فيه وسائط النقل بدائية جداً يُعدُّ معجزة كبيرة من معاجز النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد أثبت القرآن الكريم تلك المعجزة ودافع عنها بقوة في سورة النجم بحيث لم يبقِ شكّاً في القضية ، بل انّ القرآن الكريم يخبرنا انّ هذه الرحلة النبوية لم تنحصر بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى ، بل تجاوزت ذلك إلى عالم آخر أبعد من هذه المسافة كثيراً ، إذ تشير انّ هذه الرحلة قد انتهت عند «سدرة المنتهى». (٢)
ونحن لسنا بصدد البحث في تفاصيل حادثة المعراج تلك ، وهل انّ هذا المعراج كان جسمانياً أو روحانياً؟ أو ... ، كذلك لسنا بصدد الردّ على الإشكالات الصبيانية الواهية التي قد تثار بوجه تلك القضية والدفاع عنها.
بل إنّنا في مقام التركيز على نقطة واحدة وهي أنّ القرآن الكريم قد أثبت هذه المعجزة للنبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وتطرق لها في سورتي الإسراء والنجم ودافع عنها بقوة. ومع ذلك كلّه كيف جاز للمسيحيّين ومقلّديهم الادّعاء : «انّ المسلمين ينسبون إلى نبيهم مجموعة من المعاجز ، ولكنّ الإنسان تنتابه الحيرة والعجب
__________________
(١). الإسراء : ١.
(٢). النجم : ١٣ ـ ١٨.