القرآن الكريم في سورة آل عمران الآية ٦١ ، وأثبت أنّ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كان على استعداد تام ولإثبات أحقيّة رسالته أن يباهل كبار نصارى نجران ، وقد ضرب لذلك موعداً محدداً معهم وأخبرهم بصورة قطعية بهلاكهم وفنائهم إذا ما باهلوه ، ولم يكتف النبي بإظهار استعداده للمباهلة مع نصارى نجران فقط ، بل أعلن ذلك للعالم كلّه حيث قال سبحانه :
(فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ). (١)
وقد استعدّ النصارى للمباهلة ، ولكنّهم حينما رأوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بتلك الهيبة العظيمة حيث جاء صلىاللهعليهوآلهوسلم محتضناً الحسين آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعليٌّ يمشي خلفها ، راعهم ذلك المنظر المهيب وأعلنوا انصرافهم عن المباهلة حيث أدركوا بما لا ريب فيه أنّ هذه المباهلة لا تكون نتيجتها إلّا العذاب القطعي والإبادة من على وجه الأرض.
ثمّ إنّه لم ينحصر الأمر في نصارى نجران فقط ، بل إنّنا نجد أنّه لم يتصد أحدٌ وطيلة حياة الرسول الأكرم لطلب المباهلة معه. صحيح انّ إعجاز النبي في إبادة نصارى نجران لم يتحقّق بالفعل ، ولكنّ استعداد النبي للقيام بتلك المعجزة يُعدُّ صفعة محكمة لمن يدّعي انّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن على استعداد للإتيان بالمعجزة حينما يطلب ذلك منه ، وانّه كان يواجه تلك الطلبات بالسكوت والانصراف والهروب والاكتفاء بالقول ما أنا إلّا بشير ونذير.
__________________
(١). آل عمران : ٦١.