خروج النبي للمباهلة
حان وقت المباهلة ... وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ووفد نجران قد اتّفقا على أن يجريا المباهلة خارج المدينة في الصحراء ... ، فاختار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من المسلمين ومن عشيرته وأهله أربعة أشخاص فقط ، وقد اشترك هؤلاء في هذه المباهلة دون غيرهم ، وهؤلاء الأربعة لم يكونوا سوى علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وفاطمة الزهراء عليهاالسلام بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والحسن ، والحسين عليهماالسلام ؛ لأنّه لم يكن بين المسلمين من هو أطهر من هؤلاء نفوساً ، ولا أقوى وأعمق إيماناً.
طوى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المسافة بين منزله ، وبين المنطقة التي تقرر التباهل فيها في هيئة خاصة مثيرة ، فقد غدا محتضناً الحسين (١) آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعليٌّ خلفها ، وهو يقول : إذا دعوت فأمِّنوا.
كان وفد نجران ورؤساؤهم قد قال بعضهم لبعض ـ قبل أن يغدو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المباهلة ـ : انظروا محمداً في غدٍ فإن غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه فانّه ليس على شيء. وهم يقصدون أنّ النبي إذا جاء إلى ساحة المباهلة محفوفاً بأُبّهة مادّية وقوة ظاهرية تحفُّ به قادة الجيش والجنود ، فذلك دليل على عدم صدقه ؛ وإذا أتى بأهله وأبنائه بعيداً عن أيّة مظاهر مادية وتوجّه إلى الله بهم وتضرع إليه سبحانه كما يفعل الأنبياء ، دلّ ذلك على صدقه ، لأنّ ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه حيث استجرأ على تعريض أعزّته وأفلاذ كبده وأحبِّ الناس إليه لذلك ولم يقتصر على تعريض نفسه له ، وهذا يدلّ على ثقته ويقينه بكذب خصمه.
__________________
(١). جاء في بعض الروايات انّ النبي غدا آخذاً بيد الحسن والحسين تتبعه فاطمة وبين يديه عليٌّ. (بحار الأنوار: ٢١ / ٣٣٨).