ولا ريب أنّ المقصود من الذكر في جميع الآيات هو القرآن الكريم ، والضمير في قوله: (لا يَأْتِيهِ) يرجع إلى الذكر ، وعلى هذا يكون معنى الآية انّ القرآن الكريم هو الكتاب الذي لا يتطرق إليه الباطل بأيّ وجه من الوجوه وبأيّ صورة من الصور.
وصور الباطل هي :
١. لا يأتيه الباطل : أي لا ينقص منه شيء ولا يزيد فيه شيء.
٢. لا يأتيه الباطل بمعنى لا يأتيه كتاب يبطله وينسخه ، فهو حقّ ثابت لا يبدل ولا يغيّر.
٣. لا يأتيه الباطل : أي لا يتطرق في إخباره عمّا مضى ولا في إخباره عمّا يجيء الباطل فكلّها تطابق الواقع.
ويتّضح من الآية وبصورة جلية أنّ القرآن الكريم مصون ومحفوظ من كلّ ذلك الباطل ولا طريق للباطل بكلّ أنواعه إلى القرآن الكريم إلى قيام الساعة ، وهذا يدلّ على حقّانيّته وحجّيته إلى ذلك اليوم الموعود ، لأنّه لا يمكن ووفقاً للآيات المذكورة أن يكون حجة محدودة بأمدٍ معين ، بل يكون متبعاً إلى قيام الساعة ، ونفس هذا المعنى يستفاد من آية : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
فالآيتان تدلّان على أنّ القرآن حق وثابت لا يتطرّق إليه الريب والباطل ، فإذا كان القرآن حقّاً مطلقاً ومصوناً من تسلّل الباطل إليه ، وحجة للناس إلى يوم القيامة ، فهذا يلازم دوام رسالته وثبات نبوّته وخاتمية شريعته صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وبعبارة أُخرى : انّ الشريعة الجديدة ـ المفترضة النزول ـ إمّا أن تكون عين الشريعة الإسلامية الحقّة التي لا يأتيها ولا يدانيها الباطل كما أثبتنا ذلك ، أو تكون