ولكن ينبغي الإشارة إلى نكتة مهمة وهي : انّ هذا المعنى إنّما يستفاد من الآية إذا عطفنا قوله تعالى : (مَنْ بَلَغَ) على الضمير في قوله : (لِأُنْذِرَكُمْ).
وقد يتصوّر انّ جملة (وَمَنْ بَلَغَ) معطوفة على الضمير الفاعل في قوله : (لِأُنْذِرَكُمْ) فيكون مفاد الآية حينئذٍ أنّني أُنذركم ، وكذلك من بلغه القرآن ووصل إليه يجب عليه هو أيضاً أن يقوم بعملية تبليغ الرسالة ونشر القرآن والمعارف الإسلامية بين الناس.
ولكنّ هذا الاحتمال لا ينسجم مع القواعد وأُصول اللغة العربية ، وذلك لأنّ الضمير المتّصل المرفوع والضمير المستتر لا يعطف عليهما ، إلّا بعد توكيدهما بالضمير المنفصل نحو «جئت أنا وزيد» و «قم أنت وعمرو» ، أو بعد أن يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه فاصل نحو (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) (١).
٥. (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٢).
إنّ الإمعان والتأمّل في الآية المذكورة يرشدنا إلى كون كلمة (كَافَّةً) حالاً من الناس ، وتقدير الآية «وما أرسلناك إلّا للناس كافّة».
ويحتمل كونها حالاً من الضمير المنصوب في (أَرْسَلْناكَ) ، ويكون مفاد الآية حينئذٍ: «وما أرسلناك إلّا لتكفهم وتردعهم من خلال تذكيرهم بالعذاب الإلهي الذي سيُصيب المذنبين والعاصين وأصحاب الأفعال القبيحة والسيّئة».
ولكنّ هذا الاحتمال ضعيف جدّاً وذلك :
أوّلاً : ـ لا حاجة عندئذٍ إلى لفظة كافّة بعد ورود جملة : (بَشِيراً وَنَذِيراً) إذ لا
__________________
(١). الأنعام : ١٤٨.
(٢). سبأ : ٢٨.