الخلاصة : إنّ المقصود من البيت هو «بيت النبوّة» و «مهبط الوحي» و «مركز التنزيل» ، وإنّ المقصود من الأهل مَن تربطهم ببيت النبي رابطة فكرية وروحية خاصة ، لا كلّ من تربطه بالنبي رابطة مادية نسبية أو حسبية وإن كان مخالفاً من الناحية الروحية والفكرية والعقائدية للرسول الأكرم أو انّه في مرتبة واطئة جداً من الناحية الروحية والفكرية.
ولقد تفطّن الزمخشري لهذه النكتة عند تفسيره للآية ٧٣ من سورة هود ، وانّ من يلاحظ تفسيره لسورة الأحزاب يتّضح له الأمر بصورة أجلى.
فلقد وصف القرآن الكريم حال السيدة سارة زوجة إبراهيم عليهالسلام حينما عرضت عليهم الملائكة البشارة بإسحاق ، وكيف أنّها تعجّبت من ذلك وأبدت استغرابها من تحقّق تلك البشارة؟ إذ كيف يتسنّى لها أن تلد وهي امرأة عجوز وبعلها شيخ كبير؟!
فأجابتها الملائكة : (... أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ). (١)
فوجّه الزمخشري في كشافه إطلاق لفظ (أهل البيت) على السيدة سارة بقوله : لأنّها كانت في بيت الآيات ومهبط المعجزات والأُمور الخارقة للعادات ، فكان عليها أن تتوقر ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء الناشئات في غير بيوت النبوة ، وأن تسبّح الله وتمجّده مكان التعجّب ، وإلى ذلك أشارت الملائكة في قولها :
(رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ).
أرادوا إنّ هذه وأمثالها ممّا يكرمكم به ربّ العزّة ويخصّكم بالإنعام به يا أهل بيت النبوة. (٢)
__________________
(١). هود : ٧٣.
(٢). الكشاف : ٢ / ١٧.