وأُخرى «العباد» ، وثالثة «أعمال العباد» ، وأُخرى «ذنوب العباد».
ثمّ إنّ بعض المفسّرين فسّروا وصف البصير بحضور المبصرات عنده سبحانه ، وهذا المعنى يصحّ في مورد الأشياء القابلة للرؤية ، ولكن في بعض الموارد أُطلق لفظ البصير في أُمور غير قابلة للرؤية ، مثل «الذنوب» ، لأنّ كثيراً من الذنوب غير قابلة للرؤية ، وبالطبع لا بدّ أن يكون المقصود بالبصير هنا العلم بالجزئيات ، والشاهد على ذلك إنّنا نرى في الموارد التي تكون فيها الذنوب متعلّقاً للبصير نراها مقترنة بلفظ «الخبير» ، كما يقول سبحانه : (بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً).
ولعلّ هدف الآيات المباركة أنّ الله يعلم علماً تفصيلياً بما يجري في العالم لا علماً إجمالياً ، وكلّ شيء في السرّ والعلن لا يخرج عن ساحة قدسه سبحانه.
من هذا البيان يتّضح أنّ نظرية المنكرين لتعلّق علم الله بالجزئيات ، بذريعة أنّ ذلك يستلزم التغيّر في الذات الإلهية لا تنسجم مع ظاهر هذه الآيات. ولعلّه لكون لفظة بصير تتضمن في اللغة العربية معنى الدقة والإمعان ، لذا استعمل القرآن تلك اللفظة في الموارد التالية :
١. التعرف على خصوصيات النفس : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ). (١)
والمقصود من الخصوصيات هنا الصفات والسجايا الحسنة والسيئة والميول الجميلة والقبيحة.
٢. أسرار العالم الخفية. وهذا ما يظهر لنا من قصة السامري ، حيث قال
__________________
(١). القيامة : ١٤.