الأوّل هو المتعيّن ، لحفظ فواصل الآيات ، لأنّه لا يمكن اعتبار جملة (وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ) نهاية آية أو بحسب الاصطلاح فاصلة الآية.
وحينئذٍ يطرح التساؤل التالي نفسه ، ما هو السر في جعل الآية جزءاً من الآيات الأُخرى؟
والجواب : انّ تاريخ صدر الإسلام يحدّثنا عن أنّ الكثير من المسلمين كانت في نفوسهم حسّاسية خاصة بالنسبة إلى علي وأهل بيته فما من قبيلة أو عشيرة إلّا وقد قتل عليٌّ أحد رجالها في أثناء الحروب والغزوات الإسلامية ، ولذلك كانت نفوسهم تغلي كالمرجل حقداً وبغضاً وحسداً لعليّ حتّى أنّهم تمكّنوا من الانتقام من علي وأهل بيته بعد رحيل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبسبب هذه الحساسية وهذه المواقف من قريش وأمثالها أمر سبحانه وتعالى نبيّه أن يضع تلك الآية التي تدلّ على طهارة وعصمة أهل بيت النبي في طيات الآيات التي تتحدّث عن نساء النبي لكي لا ينكشف الأمر بصورة جلية جداً ، ثمّ لكي لا يقع الناس في الاشتباه والخطأ قام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن طريق الحديث والسنّة بتوضيح مفاد الآية وأزاح الستار عن مراد الآية الحقيقي.
وهذا العمل شبيه بما يقوم به العقلاء والحكماء من وضع الحاجات القيّمة والثمينة بين الأشياء التي لا تثير انتباه الناس الأجانب وإن كان الأمر واضحاً وجلياً لأفراد العائلة. وهذا عين ما نجده في الآية الثالثة من سورة المائدة :
(... الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ...).