فكلّما تحقّقت تلك الغاية بدون الحاجة إلى سلسلة من الأدوات والوسائل والفعّاليات الفيزياوية ، ففي مثل هذه الحالة تحصل حقيقة السامع والبصير ، وأنّ الآيات القرآنية المباركة لا تثبت أكثر من ذلك ، وهو كون الله بصيراً وسميعاً ، وأمّا أنّه سبحانه يمتلك خصوصيات الوجودات الإمكانية فلا تدلّ عليه الآيات.
ومن هنا وباعتبار أنّ جميع الوجودات الإمكانية حاضرة لديه سبحانه ، فلا شكّ أنّ المبصرات والمسموعات تكون هي أيضاً حاضرة لديه بصورة قهرية.
من هذا المنطلق نرى الكثير من المحقّقين يذهبون إلى أنّ هذين الوصفين ـ السميع والبصير ـ من شعب علم الله سبحانه بالجزئيات ، وأنّ حقيقة العلم هي حضور المعلوم لدى العالم لا غير ، وإذا ذهب بعض المتكلّمين إلى أنّ سمع الله يرجع إلى علم الله بالمسموعات فأنّ قوله هذا صحيح ، إذ من المسلم أنّ حضور الموجودات لدى الله سبحانه أعلى من حضورها لدى الإنسان عن طريق الصورة الذهنية.
من هنا يطرح السؤال التالي : إذا كان حضور المسموعات والمبصرات لديه سبحانه مصحّحاً لتوصيفه بالسميع والبصير ، فليكن هذا بعينه مصحّحاً لتوصيفه بأنّه لامس وذائق وشام؟
والإجابة عن هذا السؤال واضحة وهي : إنّ شرف وكرامة هذه الأوصاف لا يمكن قياسه مع وصفي السميع والبصير ، لأنّ أكثر علم الإنسان بالأشياء يحصل من خلال طريق السمع والبصر من هذه الجهة أنّ وصف الله بهذين الوصفين لا يلازم وصفه سبحانه بباقي الصفات المذكورة.
إضافة إلى ذلك إنّ لازم كون أسمائه سبحانه توقيفية ـ وإن كنّا لا نقول بذلك ـ الاكتفاء بالأسماء والصفات التي وصف اللهُ بها في الكتاب والسنّة.