وهو : أنّ الذنب والمعصية أُمور نسبية لا أنّها من قبيل الذنوب المطلقة.
وتوضيح ذلك : في الأُمور الاجتماعية والأخلاقية والعلمية والتربوية والدينية لا يمكن أن يكون المرتقب والمرجو من جميع الناس باختلاف أنواعهم وطبقاتهم أمراً واحداً.
ونحن نكتفي من بين المئات من الأمثلة لبيان تلك الحقيقة بذكر مثال واحد وهو :
لو فرضنا انّ مجموعة من الناس سعت إلى القيام بعمل فيه خدمة اجتماعية كأن أرادوا بناء مستشفى لمعالجة الفقراء والمعوزين ، فلو تبرع لمساعدة هذا المشروع أحد العمال ـ الذين هم الطبقات المتدنّية من ناحية الدخل اليومي ـ بمقدار قليل من المال فلا ريب أنّ هذا العمل يكون جديراً بالاحترام والثناء والتقدير والاعتزاز.
ولكن لو فرضنا أنّ الذي تبرع بهذا المقدار القليل أحد الأغنياء المترفين ، فلا ريب حينئذٍ أنّ عمله هذا ليس فقط لا يستحقّ التقدير والثناء والاحترام ، بل يعتبر في نظر العرف وصمة عار وسبباً لنفرة الناس وعدم رضاهم من ذلك العمل.
يعني أنّ نفس هذا العمل الذي اعتبر ـ بالنسبة إلى العامل ـ عملاً مستحسناً وجديراً بالتقدير يعتبر في نفس الوقت ـ بالنسبة إلى الغني ـ عملاً قبيحاً يستحق اللوم والتحقير من قبل العرف ، وإن كان هذا الشخص الغني لم يرتكب من الناحية القانونية أي ذنب أو عمل محرم.
والدليل على هذين الموقفين هو ما قلناه في أوّل الصفحة من أنّ المتوقّع والمرجو من الناس في العلاقات الاجتماعية لم يكن بنسبة واحدة ، أي أنّ المتوقّع من كلّ إنسان يرتبط بإمكاناته وقدراته العقلية والعلمية والإيمانية وباقي قدراته واستعداداته ، إذ من الممكن أن يكون عمل ما بالنسبة إلى شخص يعدّ عين الأدب