أو يسلك الطريق الغير الطبيعي في اعتقاد أنّ الله سبحانه قد جعل الشفاء ـ وتحت شرائط خاصة ـ في قبضة من التراب ، أو أنّ الله أعطى المسيح عليهالسلام القدرة على شفاء المرضى بإذنه تعالى من خلال المسح بيده على المريض ، وكذلك منحه القدرة على أحياء الموتى ؛ فلا يُعدّ ذلك شركاً.
فإذا يئس الإنسان من تأثير العلل والأسباب الطبيعية ، ولكنّه لم ييأس ويرى أنّ نافذة الأمل ما زالت مفتوحة أمامه ويتّجه صوب تربة كربلاء أو أنفاس السيد المسيح عليهالسلام ، فهل من الصحيح يا ترى أن نقول إنّه قد اتّخذ من التراب أو المسيح إلهاً يعبده من دون الله ، في الوقت الذي نراه يُصرّح بمعتقده : أنّ الله سبحانه هو الذي منح التراب ذلك الأثر ، وهو الذي أعطى لعبده السيد المسيح تلك القدرة؟! فإذا كان التوسّل بالأسباب غير الطبيعية يُعدُّ شركاً فلا بدّ من عدّ التوسّل بالأسباب الطبيعية شركاً أيضاً.
نعم من الممكن أن تناقش هذا الإنسان ـ الذي يعتقد أنّ الله قد منح تربة سيد الشهداء عليهالسلام القدرة على الشفاء ، أو منح السيد المسيح عليهالسلام القدرة على الابراء والإحياء وتخطئه ، أو تطلب منه الدليل والبرهان على معتقده ، وأن تنفي أنّ الله قد منح التربة أو السيد المسيح تلك القدرة والطاقة ، ولكن ليس من حقّك أن تعدُّه مشركاً بسبب ذلك الاعتقاد ، وذلك لأنّ أساس الاستفادة من الأسباب الطبيعية وغير الطبيعية عنده على حدّ سواء ، حيث يؤمن بأنّ الله هو الذي منح الشمس خاصية الإشراق ، ومنح القمر خاصية التلألؤ ، ومنح النار خاصية الإحراق ، والعسل خاصية الشفاء. (١)
إنّ الله الذي منح تلك الأشياء خصائصها هو نفسه الذي منح التراب
__________________
(١). «... فيه شفاء للناس» (النحل : ٦٩).