حينما سأله موسى عليهالسلام عمّا فعله (قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ). (١) فأجابه السامري بقوله : (قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي). (٢)
فعلّل السامري عمله هذا بأنّه أخذ قبضة من أثر الرسول فعالج بها مطلوبه ، فعاد العجل له خوار.
إذاً فليس عجيباً من الله تعالى الذي منح قبضة التراب التي مرّت عليها أقدام الرسول الحيّ موسى عليهالسلام هذه القدرة العجيبة أن يمنح التراب ـ الذي أُريق عليه أزكى وأطهر دمٍ ، ألا وهو الدم الخالد لسيد الشهداء عليهالسلام والعصابة المؤمنة التي أُريقت دماؤهم على تلك التربة ـ القدرة على الشفاء تحت شرائط خاصة ، فلا يُعدّ ذلك أمراً عجيباً ، بل أنّ التمسك بمثل ذلك المعتقد يعتبر عين التوحيد ؛ وتارة أُخرى نجد أنّ الله سبحانه قد منح قميص يوسف ذلك الأثر العجيب بحيث بمجرد أن أُلقي على وجه أبيه يعقوب عليهالسلام ارتدّ بصيراً ، وهذا ما تحدّثنا عنه الآية المباركة : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً ...). (٣)
وعلى هذا الأساس فلا منافاة بين التوحيد وبين التوسّل بالأسباب وإن كانت غير طبيعية.
ثمّ هل من الصحيح مع ملاحظة تلك النماذج التي تطرق لها القرآن الكريم عدّ التوسّل بالأسباب غير الطبيعية سبباً للشرك وعبادة لغير الله؟!
__________________
(١) «. طه : ٩٥.
(٢). طه : ٩٦.
(٣). يوسف : ٩٦.