إنّ التوسّل بالأرواح المقدّسة والاستمداد بالنفوس الطاهرة الخالدة عند ربّها نوعٌ من التمسك بالأسباب غير الطبيعية ، وأمّا البحث عن أنّ هذه الأرواح والنفوس هل في مقدورها أن تغيث من يستغيث بها أو لا؟ فهو خارج عمّا نحن بصدده الآن ، فإنّ ما يهمّنا هنا هو البحث عن مسألة التوسّل بتلك الأسباب غير الطبيعية ، هل تنسجم مع التوحيد في العبادة ، أو أنّها نوع شرك؟
فإذا اعتقد الإنسان ولسبب ـ صحيح أو غير صحيح ـ أنّه في حالة عجز الأسباب الطبيعية عن تلبية مراده فإنّ الله سبحانه قد منح الأرواح المقدّسة القدرة على حلّ المشكلات بإذن الله تعالى ، وأنّه يستطيع من خلال الاعتماد على العامل الغيبي حلّ مشكلاته ، إنّ هكذا اعتقاد يستحيل أن يُعدّ شركاً وثنويةً في العبادة ، نعم هناك بحثٌ آخر : هل أنّ هذا الاعتقاد صحيح أو غير صحيح؟ لسنا بصدد البحث عن هذه المسألة فعلاً ، ويمكن بحثها في مجالٍ آخر. (١)
__________________
(١). منشور جاويد : ٢ / ٤١١ ـ ٤١٧.