والملائكة يمتلكون تلك القدرات الغيبية ، وقد وصف القرآن الكريم جبرئيل بأنّه (شَدِيدُ الْقُوى) (١) ووصف الملائكة بقوله : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً). (٢)
كما وصف القرآن الكريم الملائكة بصفات عديدة ، منها : أنّها مدبرة لشئون العالم ، وأنّها تتوفى الأنفس ، وأنّها الحافظة للإنسان والرقيب عليه ، وأنّها الكاتبة لأعمال الإنسان ، والمهلكة للأقوام والشعوب الكافرة ، وأنّه وبلا شك أنّ من يمتلك أدنى درجات الاطّلاع على القرآن الكريم يعرف وبلا ريب أنّ الملائكة تمتلك قدرات وطاقات غيبية ، وأنّها بالاتّكاء على القدرة الإلهية تقوم بأعمال خارقة للعادة.
فإذا كان الاعتقاد بالسلطة الغيبية لأحدٍ ملازماً للاعتقاد بألوهيته ، لزم أن يكون جميع هؤلاء آلهة من وجهة نظر القرآن الكريم ، وهذا ما لا يقول به أحد من الناس.
إنّ طريق حلّ هذه القضية إنّما يتم من خلال التفريق بين القدرة الاستقلالية وبين القدرة المكتسبة ، حيث إنّ الاعتقاد باستقلالية قدرة الأنبياء والملائكة وغيرهم يُعدُّ وبلا ريب شركاً ، ولكن الاعتقاد بأنّ تلك القدرات والطاقات مكتسبة من القدرة الإلهية المستقلة ومستندة إليها ، يُعدُّ عين التوحيد وروح الوحدانية.
__________________
(١). النجم : ٥.
(٢). النازعات : ٥.