١. ليس في الآية أدنى دلالة على مقصودهم ، وإذا ما رأينا القرآن يصف هؤلاء بالشرك ، فليس ذلك لأجل استشفاعهم بالأوثان ، بل لأجل أنّهم كانوا يعبدونها لغاية أن تشفع لهم بالمآل.
وتوضيح ذلك أنّ المشركين كانوا يقومون بعملين :
الف : كانوا يعتقدون أنّ للأصنام نفوذاً ومنزلة لدى الحضرة الإلهية ، وتصوّروا أنّه ومن خلال عبادتهم يتمكّنون من جلب رضاهم. ولقد أشار سبحانه وتعالى إلى تلك الحقيقة في نفس الآية بقوله :
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) ، فمن هذه الجهة كانوا مشركين.
ب : إنّهم عقدوا الأمل على تلك الأوثان وطلبوا الشفاعة منها ، ولقد أشار سبحانه وتعالى إلى تلك الحقيقة بقوله :
(وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ).
فمن خلال الإمعان في معنى هذه الآية وملاحظة أنّ هؤلاء المشركين كانوا يقومون بعملين : (العبادة ، وطلب الشفاعة) يتّضح جلياً أنّ علّة اتّصافهم بالشرك واستحقاقهم لهذا الوصف كانت لأجل عبادتهم لتلك الأصنام لا لاستشفاعهم بها.
ولو كان الاستشفاع بالأصنام عبادة لها لما كان هناك مبرر للإتيان بجملة (وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا) بعد قوله : (وَيَعْبُدُونَ ...).
إنّ عطف الجملة الثانية على الأُولى يحكي عن أنّ موضوع عبادة الأصنام يغاير مسألة طلب الشفاعة منها ، لأنّه في الحقيقة ، عبادة الأصنام تُعدُّ شركاً وثنوية ، وأمّا طلب الشفاعة من الأحجار والخشب يُعدُّ عملاً سفهياً لا يصدر إلّا