ولكنّه ـ مع ذلك ـ توجد في الكون سلسلة من العلل والأسباب تستطيع بإذنه وأمره وقدرته أن تمدّ يد العون لمن استعان بها ، ولذلك تكون الاستعانة بها كالاستعانة بالله ، وذلك لأنّ الاستعانة بالفرع استعانة بالأصل.
ونشير هنا إلى بعض الآيات من الصنفين :
(... وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ). (١)
وقوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). (٢)
هذه الآيات نماذج من الصنف الأوّل ، وهناك آيات من الصنف الثاني تدعونا إلى الاستعانة بغير الله من العوامل والأسباب :
١. (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ). (٣)
٢. (... وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ...). (٤)
٣. (... ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي ...). (٥)
٤. (... وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ...). (٦)
إنّ مفتاح حلّ التعارض بين هذين الصنفين من هذه الآيات واضح وجليٌّ جدّاً ، وهو : إنّ في الكون مؤثراً تامّاً وفاعلاً مستقلاً واحداً غير معتمد على غيره لا في وجوده ولا في فعله ، وهو الله سبحانه ، وأمّا العوامل الأُخرى فجميعها مفتقرة ـ في وجودها وفعلها ـ إليه وهي تؤدّي ما تؤدّي بإذنه ومشيئته وقدرته ، ولو لم يعط تلك العوامل ما أعطاها من القدرة والطاقة فإنّها تعجز عن القيام بأدنى عملٍ ما.
__________________
(١). آل عمران : ١٢٦.
(٢). الفاتحة : ٥.
(٣). البقرة : ٤٥.
(٤). المائدة : ٢.
(٥). الكهف : ٩٥.
(٦). الأنفال : ٧٢.