هناك الميزان هو موت وحياة الطرف المستغاث ، ولو كان الميزان ما ذكره ابن تيمية هنا لكان الأجدر به أن يضيف بعد قوله : «قبر نبي أو صالح» جملة أُخرى هي : «أو ولي حيّ» ليتّضح أنّ المعيار الذي اعتمده ـ هنا ـ ليس هو موت المستغاث وحياته ، بل قدرته على تلبية الحاجة وعدم قدرته على ذلك ، كما فعل الصنعاني ـ الذي يُعدّ من كُتّاب الوهابية ـ حيث قال : «من الأموات أو من الإحياء».
وإليك في ما يأتي نصّ عبارته :
«الاستغاثة بالمخلوقين الأحياء فيما يقدرون عليه ممّا لا ينكرها أحد ... وإنّما الكلام في استغاثة القبوريين وغيرهم بأوليائهم وطلبهم منهم أُموراً لا يقدر عليها إلّا الله تعالى من عافية المريض وغيرها ... وقد قالت أُم سليم يا رسول الله : خادمك أنس ادع الله له وقد كانت الصحابة يطلبون الدعاء منه وهو حيّ وهذا أمر متّفق على جوازه ، والكلام في طلب القبوريين من الأموات أو من الأحياء أن يشفوا مرضاهم ويردوا غائبهم ... ونحو ذلك من المطالب التي لا يقدر عليها إلّا الله». (١)
ففي البحث السابق كان المعيار هو : حياة وموت المستغاث ، فلم يكن الطلب من الحيّ موجباً للشرك بينما كان الطلب من الميّت موجباً لذلك ، ولكن في هذا المبحث جُعل ميزان الشرك في العبادة هو طلب الحاجة التي لا يقدر عليها إلّا الله سبحانه من العبد ، ولذلك لا يكون هناك أيُّ تأثير لحياة المستغاث أو موته وأنّما الملاك قدرته وعجزه.
__________________
(١). كشف الارتياب : ٢٧٢.