أَهَاجيْتُمُ حَسَّانَ عِنْدَ ذَكائِه |
|
فَغَىٌّ لأَوْلَادِ الحِمَاسِ طَوِيلُ |
فهذا دعاء من حَسَّان عليهم لانه هجا رَهْطَ النَّجَاشِىِّ وهو من بنى الحِمَاس ورفع كما ترفع رَحْمةُ اللهِ عليه ومما أُجرى من الاسماء مُجْرَى المصادر فى الدعاء تُرْبًا وجَنْدَلاً فان أَدْخَلْت لك فقلت تُرْبًا لك فكذلك أى أنك تنصبه وهذا الحَيِّز يُدْعَى فيه بجواهر لا أفعال لها كما قَدَّمْت من التُّرْب والجَنْدَل وهما نوعان من جنس الجوهر ومن ذلك قولهم فَاهَا لِفِيكَ وفاها انما هو اسم للفَمِ وليس فى شئ من ذلك فعل يصير مَصْدَرًا له ولكنهم أَجْرَوْه فى الدعاء مجرى المصادر التى قبل هذا الباب وقَدَّروا الفعلَ الناصب كأنه قال أَلْزَمَك اللهُ أو أَطْعَمَك اللهُ ترابًا وجَنْدَلا وما أشبه هذا من الفعل واخْتُزِل الفعلُ عند سيبويه وغيره من النحويين لانه جُعِل بَدَلاً من اللفظ بقولك تَرِبَتْ يَدَاكَ وجُنْدِلْتَ فعبر عنه بفعل قد صُرِّف من التراب وقد حكى سيبويه فى هذه الجواهر الرَّفْعَ والرفعُ عنده فيها أقوى منه فى المصادر قال الشاعر
لَقَدْ أَلَبَ الواشُونَ أَلْبًا لِبَيْتِهِم |
|
فَتُرْبٌ لأَفْواءِ الوُشَاةِ وجَنْدَلُ |
فَتُرْبٌ مبتدأ والخبر فى المجرور وفيه معنى الدعاء كما أن فى قوله (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) معنى الدعاء وان رُفِع فأما قولهم فَاهَا لِفِيكَ فانما يريد فا الدَّاهيةِ فجعل فَاهَا منصوبا بمنزلة تُرْبًا كأنه قال تُرْبًا لِفِيك وإنما يخصون فى مثل هذا الْفَمَ لأن أَكْثَرَ المَتَالِف فيما يأكله الانسان أو يشربه من سُمٍّ وغيره وصار فَاهَا بَدَلا من اللفظ بقولك دَهَاكَ الله وانما جعله النحويون بدلا من هذا تقريبا لأن فما الداهيةِ فى التقدير فَذُكِر الفعلُ المُصَرَّف من الداهية والفعلُ المقدَّرُ فى هذا ونحوه ليس بشئ مُعَيَّن لا يُتَجاوَز وأنشد
فقلتُ له فَاهَا لِفِيكَ فَانَّها |
|
قَلُوصُ امْرِئٍ قارِيكَ ما أَنْتَ حاذِرُهْ |
والدليلُ على أنه يريد بها الداهيةَ ما أنشد سيبويه
ودَاهِيَةٍ مِنْ دَوَاهِى المَنُو |
|
نِ يَرْهَبُهَا الناسُ لا فَالَها |
ويروى* يَحْسِبُها الناس ... * فلا فَالَها فى موضع خبر المَحْسَبَة كما تقول حَسِبْتُ زيدًا لا غُلَامَ له وانما ذَكَرَ هذا تعظيما لأمرها أى لا يَدْرِى الناس كيف يأتُونَها ويتوصلون الى