وأمّا الإشكال بأنّه كيف وجبت المقدّمة قسبل حصول القيد الذي يكون الطلب على تقديره فكيف وجب الصوم مثلا بالوجوب المطلق ، وعلى ما ذكرت من أنّ الوجوب بالنسبة إلى القيود الغير الاختياريّة لا بدّ وأن يكون مشروطا ، يلزم أن يكون وجوب الصوم مشروطا حتّى بعد دخول الوقت ؛ ضرورة عدم قدرة المكلّف على الإمساك في الجزء الأخير من الوقت، فمتى يصير خطاب الصوم مطلقا؟
فجوابه بعد الالتزام بعدم صيرورة الخطاب مطلقا أنّ هذا الإشكال مبتن على ما هو المسلّم فيما بينهم من كون الوجوب في الواجب المشروط معدوما قبل حصول الشرط ، ونحن نقول : الحقّ خلاف ذلك ، بل الوجوب موجود فعلا ، غاية الأمر أنّ تأثيره في المقدّمة المفروضة غير معقول ؛ لأنّ الشيء الذي حصل الطلب على تقدير حصوله لا يمكن أن يقتضي هذا الطلب حصوله ؛ لكونه طلبا للحاصل.
ولكن متى علم بأنّ هذه المقدّمة متحقّق الوقوع بعد ذلك فيكون حال الإرادة الحاصلة على تقديرها حال الإرادة المطلقة بلا فرق ، فيحرّك الفاعل أو المأمور نحو المقدّمات الأخر التي محلّها قبل وقوع ذي المقدّمة ؛ ولهذا لو لم يفعلها إلى زمان حصول المقدّمة المفروضة فتعذر العمل لأجل تركها ، كان مذموما على الترك.
وأمّا ذو المقدّمة فإنّما لا تحرّك إليه مع هذا العلم ؛ لأجل أنّها تعلّقت بوقوعه بعد وقوع القيد ، ولازم ذلك أن لا يتحقّق التحريك إليه إلّا بعد وقوع ذاك القيد ؛ ولهذا لو كان وقوع ذي المقدّمة مقارنا لوقوع القيد أو سابقا عليه مطلوبا ، تحرّك هذه الإرادة عند العلم بتحقّق القيد نحو إيقاعه مقارنا لوقوع القيد أو سابقا عليه.
مثال الأوّل ما إذا كان المطلوب هو العدو مع زيد مثلا ؛ فإنّه لا شبهة في أنّ هذا المفهوم بتمامه لا يمكن أن يتعلّق به الإرادة ؛ لخروج عدو زيد عن تحت قدرة المريد أو المأمور ، فلا بدّ أن يكون تعلّقها على تقدير حصول العدو من زيد وفرضه بالعدو الحاصل منهما مقارنا له ، فإذا علم بأنّ عدو زيد سيتحقّق فلا بدّ أن يترقّب زمان شروعه بالعدو حتّى يجعل أوّل عدو نفسه مقارنا لأوّل عدوه.
مثال الثاني مطلوبيّة استقبال زيد على تقدير كونه قادما ؛ فإنّه إذا علم بأنّه سيقدم