يوجد منها هو أنّ كلمة «من» مثلا موضوعة لعين ما وضع له لفظ الابتداء والوضع مقدّمة للاستعمال والاستعمال متأخّر رتبة عن الوضع وعبارة عن تعقّل المعني مع التلفظ فالواضع قد اشترط بعد وضع «من» أن لا يستعمل في معناه إلّا بتعقّله آلة للغير ، وفي لفظ الابتداء أن لا يستعمل في معناه إلّا بتعقّله مستقلا ، فاللحاظ التبعي أو الاستقلالي كيفيّة للاستعمال أجنبي عن المعني.
وأمّا علي ما ذكرنا فهما موضوعان لمفهومين متباينين ، وتعدّد المفهوم إنّما هو بتعدّده في التعقّل في الذهن ، وهذا سالم عمّا يرد علي الأوّل من أنّا نتّبع الواضع في أصل الوضع ولا نتّبعه في الشرط.
ثمّ إنّ في الكفاية بعد هذا بلا فصل كلاما حاصله ، أنّ حال الإخباريّة والإنشائيّة حال اللحاظ الاستقلالي والتبعي في كونهما من كيفيّات الاستعمال فتكونان متأخرتين رتبة عن ذات المعني ، فالمعني المستعمل فيه في القضيّتين الإخباريّة والإنشائيّة متّحد إمّا من حيث شخص المفهوم وذلك فيما اذا اتّحد الموادّ كما في اضرب وأطلب منك الضرب ، حيث إنّ الموضوع له فيهما هو مفهوم الطلب إلّا أنّه اشترط في وضع الثاني أن يكون الاستعمال بطور قصد الحكاية عن ثبوت المعني في موطنه ، وفي وضع الأوّل أن يكون بنحو قصد التحقّق والوقوع ، وإمّا من حيث سنخه أعنى الكليّة والعموم ، وذلك فيما إذا اختلفت الموادّ كما في زيد قائم ، واضرب ، حيث إنّ الموضوع له فيهما عامّ وهو مفهوم قيام زيد في الاول ومفهوم طلب الضرب فى الثاني ، والشرط كالسابق.
وكيف كان فهذا مشتمل على دعاو ثلاثة في كلّ منها إشكال ، الاولى : أنّ حيث الإخبارية والإنشائيّة خارجتان عن ذات المعنى ومتأخرتان رتبة عنه ، والثانية : أنّ الخبر عبارة عن الحكاية عن ثبوت المعنى في موطنه وهو إمّا الخارج كما في زيد