«فصل»
لا شكّ أنّ صحّة المجاز لا يتوقّف على ترخيص الواضع بحيث يكون حاله حال الحقيقة في التعبّد به ، ويكون الفرق أنّ الوضع هناك شخصيّ وهنا نوعي ؛ ضرورة أنّه لو سمّى زيد ابنه باسم يصحّ استعمال هذا الإسم في مشابه الابن مع أنّ ترخيص واضع اللغة لا ربط له بوضع زيد ، وكذا لا يتوقّف على وجود إحدى العلاقات المضبوطة بين المعنى المجازى والحقيقى ، بل يتوقّف على استحسان الطبع ، فكلّ معنى غير المعنى الحقيقي استحسن طبع أهل العرف استعمال اللفظ فيه صحّ الاستعمال فيه ، وكلّ معنى ليس كذلك لم يصحّ.
وبعبارة اخرى يتوقّف على الانس بين اللفظ والمعنى ، نعم منشأ هذا الانس غالبا هو المناسبة بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقي ، وقد ينفكّ الانس عن المناسبة كما في استعمال اللفظ في اللفظ ، فإنّه صحيح مجازا كقولك : ضرب فعل ماض ، ومن المعلوم أنّه لا مناسبة حينئذ بين المعنى المجازي وهو اللفظ والحقيقي وهو المعنى ، بل ينفكّ المجاز عن الحقيقة كما في استعمال اللفظ المهمل في اللفظ كقولك : ديز مهمل ، فإنّه مجاز لعدم كونه حقيقة ولا غلطا ، فلا يكون في البين معنى حقيقي فضلا عن المناسبة بينه وبين المعنى المجازي.
«فصل»
لا إشكال في صحّة استعمال اللفظ في نوعه كقولك : ضرب فعل ماض ، وكذا في صنفه كقولك : ضرب في «زيد ضرب» فعل ماض ، وكذا في شخص مثله كقولك : ضرب فعل ماض مريدا به شخص ضرب الصادر من لافظ ، وأمّا استعماله في نفسه كزيد في قولك : زيد لفظ ، أو مركّب من ثلاثة أحرف إذا أردت به شخص نفسه ، فقال في الفصول : في صحّته بدون تأويل نظر ، لاستلزامه اتّحاد الدال والمدلول أو تركّب القضيّة من جزءين انتهى.