العنوانين تامّا والمانع المتصوّر من جهة اجتماعهما إمّا لزوم اجتماع الضدّين أو النقيضين أو التكليف بما لا يطاق ، فعدم الجواز في مورد عدم ثبوت المندوحة من قبل العنوان المأمور به مسلّم لا نزاع فيه ، للزوم التكليف بما لا يطاق على تقدير الاجتماع ، وفي مورد ثبوتها يكون محلا للخلاف والنزاع على حسب الرأيين في لزوم اجتماع الضدّين على تقدير الاجتماع وعدمه.
السابع : ربّما يتوهّم ابتناء هذا النزاع على النزاع في تعلّق الطلب بالطبيعة أو بالفرد تارة بأنّه لو قلنا هناك بالتعلّق بالفرد تعيّن هنا القول بالامتناع ، ولو قلنا هناك بالتعلّق بالطّبيعة يمكن هنا القول بالجواز لتعدّد الطبائع ، وبالامتناع لسراية حكم الطبيعة إلى الفرد ، واخرى بأنّ كلّ واحد من القولين هنا يبتني على واحد من القولين هناك ، فالجواز على التعلّق بالطبيعة ، والامتناع على التعلّق بالفرد.
والحقّ خطاء كلا التوهّمين ، وتوضيحه يحتاج إلى بيان مراد القائلين هناك فنقول : لا شكّ في أنّ قيد الوجود والعدم كما أنّه يكون ملغى في الطبيعة كذلك يكون ملغى في الفرد ؛ ولهذا قولنا : زيد موجود ليس ببديهيّة ، وقولنا : زيد معدوم ليس بتناقض ، فكلّ من الطبيعة والفرد على هذا يمكن لحاظه عاريا عن الوجود والعدم ، ويمكن لحاظه باعتبار الوجود.
وحينئذ نقول : لو كان مراد القائلين هناك بالطبيعة والفرد هما باللحاظ الأوّل فكلاهما خطاء ؛ إذ هما بهذا اللحاظ ليسا إلّا نفسهما ، فلا يقعان متعلّقين للطلب ولا لغيره من الأعراض.
ولو كان المراد هما باللحاظ الثاني فيكون مرجع النزاع إلى أنّ الوجود الذي لا بدّ من اعتباره في متعلّق الطلب هل هو صرف الوجود الذي لا يضاف إلّا إلى الطبيعة ، أو لا بدّ وأن يكون هو الوجودات الخاصّة المضافة إلى الأفراد ، والعناوين المأخوذة في الأدلّة اللفظيّة إنّما احدث باعتبار الحكاية عنها لا باعتبار نفسها.
فحينئذ على تقدير القول هناك بالتعلّق بالطبيعة كما يمكن القول هنا بالجواز ، كما هو واضح ، كذلك يمكن القول بالامتناع ، وذلك بأن يقال : إنّ الطلب وإن كان أوّلا