فتكون على هذا أيضا الحجيّة الواقعيّة بلا أثر ؛ لأنّ الأثر للشكّ.
وأمّا على ما ذكرنا من أنّه لا موضوعيّة للشكّ بنفسه وإنّما يحكم العقل في حاله بالتفحّص لأجل احتمال وجود الحجّة في الواقع ، فإنّه يكفي في حجّة المولى على العبد أن يقيم الحجّة له بحيث لو تفحّص عنها العبد لظفر بها ووصل إليها ، فيكون الأمر تابعا للواقع، فإن كان بحسب علم الله تعالى لا حجيّة واقعيّة في البين أصلا فالمكلّف يكون في فسحة ووسعة ، وكذلك لو كانت الحجيّة الواقعيّة ثابتة في علم الله ولكن كان الأمر في علم الله تعالى أيضا بحيث لو تفحّص المكلّف لما يصل إلى الحجيّة ويظفر ، فيكون في فسحة أيضا ولا إلزام عليه.
وأمّا لو كان الحجّة في علم الله تعالى ثابتة في الواقع وكان في علمه تعالى أيضا بحيث لو تفحّص عنه لظفر به ، فحينئذ تكون الحجّة الواقعيّة بوجودها الواقعي المجهول مؤثّرا في التنجيز والإثبات ، وليس متوقّفا على تحقّق الوجود العلمي لها ؛ فإنّ الإيصال الذي شأن الآمر ليس إلّا نصب الدليل على وجه يكون سهل الوصول إلى من أراد الوصول ولم يكن محتاجا إلى مقدّمات صعبة خارجة عن المتعارف ، وليس في باب نفس الواقع ولا دليله حكم العقل بأزيد من ذلك ؛ إذ لو اعتبر في تماميّة الحجيّة الإيصال الفعلي للزم إقحام الأنبياء ؛ إذ لم يجب على أحد الحضور في مجلسهم وسماع كلامهم ، بل كانوا يضعون الأصابع في آذانهم.
فتحقّق من ذلك أنّ الحجّة الواقعيّة المجهولة ليس وجودها الواقعي غير مؤثر بقول مطلق ، بل هو مؤثّر بشرطين ، الأوّل : أن يكون لها واقعيّة ، والثاني : أن يكون بحيث لو تفحّص لظفر به ، هذا هو الكلام من حيث أثر التنجيز.
وأمّا أثر الإسقاط فالحجّة المجهولة غير مقيّدة من هذا الحيث مطلقا ، سواء كانت حجّة في الواقع أم لم يكن ، وعلى الأوّل سواء وصل به على تقدير الفحص أم لم يوصل ، وسواء قبل الفحص وبعده.
أمّا بعده فواضح ، وأمّا قبله مع فرض الوصول لو تفحّص ـ مثلا لو كان المبتلى به من أطراف العلم الإجمالي ـ ثمّ قامت الشهرة على إباحة هذا الطرف وكان الواجب