ليس إلّا بمجرّد عدم الوجوب ، ولكن ظاهر أكرم العلماء بحسب عمومه مع قطع النظر عن هذا العلم هو الوجوب في كليهما ، فيسقط هذا الظهور عن الحجيّة ؛ لعدم بقائه بوصف الكشف عن الواقع نوعا وانقلابه إلى الإجمال.
ولكن فيما إذا كان أحد طرفي العلم الإجمالي خارجا عن محلّ الابتلاء فحال الأمارة في خصوص هذا حال الأصل ، فكما يجري الأصل في الطرف الآخر ، فكذا الأمارة.
فقصص نوح ولوط وهود وإبراهيم غير مرتبطة بنا ، فالعلم بورود تخصيص إمّا فيها وإمّا في ما هو محلّ ابتلائنا من آيات الأحكام لا يوجب عدم جواز الأخذ بظاهرها وسقوطها عن الحجيّة عند العقلاء كما ذكرنا.
وأمّا إن كان المقصود العلم الإجمالي بمخصّصات في الواقع بخصوص آيات الأحكام نقول : لا محالة يكون لهذا العلم قدر متيقّن ، فالواحد معلوم والاثنان كذلك وهكذا يعدّ إلى عدد توقّف فيه وكان شاكّا فيه فنأخذ القدر المتيقّن. فنقول : مع وجود هذا العلم وقبل فحص وتجسّس لا إشكال في عدم جواز الأخذ ونحن لا نفعل أيضا ، ولكن نفحص فيما بأيدينا من الأخبار ونجد بقدر هذا القدر المتيقّن الذي يكون الزائد منه مشكوكا بدويّا.
مثلا مقدار العشرة قدر متيقّن ، ومقدار عشرة آلاف محتملة ، فبالنسبة إلى الزائد عن العشرة نجري أصالة البراءة ، وأمّا العشرة ، فإذا راجعنا الأخبار فوجدنا بالنسبة إلى عموم «أوفوا بالعقود» أنّه خصص بالبيع الغرري ، وعموم آخر خصّص بفرد وهكذا وجدنا إلى عشرة عامّات وعشرة مخصّصات ، فهذا العدد القدر المتيقّن وإن كان وقع متعلّقا للعلم بدون عنوان ما بأيدينا ، لكن بعد هذا الفحص والوجدان ينطبق قهرا العشرة المعلومة على هذا العشرة الموجودة فيما بأيدينا التي ظفر بها بالفحص ، فيكون العلم منحلا إلى العلم التفصيلي بهذه العشرة والاحتمال البدوي بغيرها ، ويجري فيها أصالة البراءة بناء على ما تقرّر في محلّه من انحلال العلم الإجمالي بالطرق القائمة في بعض أطرافه ، بل وبالاصول إمّا حقيقة وإمّا حكما.
وهذا الفحص والعلم في غاية السهولة في زماننا حيث قد بوّب الأخبار و