بثبوت الحقائق الواقعية والحقائق الظاهرية بالنسبة إلى الأحكام التكليفية التي ينتزع منها الأحكام الوضعية حرفا بحرف ، فتدبّر.
قوله : وإذا تأمّلت فيما ذكرنا عرفت مواقع النظر في كلامه (١).
أحدها : ما يستفاد من كلامه من كون الحقائق الظاهرية من السببية والشرطية وغيرها أحكاما شرعية مجعولة كالحقائق الواقعية منها ، وهو خلاف التحقيق فإنها أعذار شرعية على ما مرّ بيانه غير مرّة فتأمل.
الثاني : أنّ ما ذكره من كون ما اعتقده الجاهل مخالفا للواقع حكما شرعيا يجب عليه التعبد به ما دام معتقدا به غريب لم يقل به أحد ، لا نعرف له وجها سوى ما أشار إليه في المقدمة الأولى من المقدمتين لمطلبه وهو أنه لا تكليف فوق الاعتقاد. وفيه : أنه إن أراد أنه لا يعاقب على ما فوق الاعتقاد فهو كذلك وهذا لا ينتج كون ما اعتقده حكما شرعيا ، وإن أراد أنه لا حكم مجعولا ما وراء الاعتقاد فيكون الحكم نفس المعتقد فهو فاسد ، لأنّ الأحكام الواقعية المجعولة لا يدور مدار الاعتقاد البتّة وهذا من الواضحات.
الثالث : أنّ ما ذكره من الفرق بين ما كان أثره مختصا بمعيّن أو بمعيّنين من العقود والإيقاعات وبين ما لم يختص غير واضح ، وما ذكره في وجهه غير وجيه ، فلو وقع العقد صحيحا بفتوى المجتهد لا يفرّق فيه بين من علم بترتّب الأثر عليه ومن لم يعلم ، ولا بين من يكون الأثر مربوطا به ويتعلق به عمله وبين غيره ، نعم لا يحكم بترتب الأثر من كان جاهلا بالحال لمكان جهله والواقع لا يتغير عما هو عليه ، ولو سلّم ذلك كلّه فما ذكره من اختصاص أثر العقود والإيقاعات وأسباب شغل الذمة بالمعيّنين محلّ منع واضح كما أشار إليه في
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٢٨.