بإنشاء الآمر ، وحينئذ فعلم المكلّف بأصل الخطاب يكفي في التنجز ولا معنى لقول الماتن فعند الاشتباه لا يعلم المكلّف بتنجّز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي ، إذ لا يشترط العلم بالتنجّز في التنجّز بل العلم بأصل التكليف يوجب التنجّز.
قوله : ولذا يعدّ خطاب غيره بالترك مستهجنا إلّا على وجه التقييد (١).
لا نسلم الاستهجان المذكور ، إذ لا يلزم في كل خطاب بالترك أن يكون موجبا للبعث على الترك حتى يقال إنّ المكلف هنا تارك للمنهي عنه بنفس عدم الابتلاء كيف ولو كان كذلك لزم عدم تعلّق النهي بمن كان له صارف عن المنهي عنه ولا يكاد يرتكبه وقع النهي عنه أو لم يقع ، وكذا في الأمر لو كان للمكلّف داع نفساني إلى فعل المأمور به فيفعله أمر به أو لم يؤمر لزم عدم تعلق الأمر به ، بل يلزم أن لا يكون العاصي بمخالفة الأوامر والنواهي مأمورا ومنهيا ويختصّ التكاليف بمن يمتثلها بعد التكليف ولا داعي له بموافقتها بدون التكليف وهو كما ترى ، ولو سلّم الاستهجان المذكور فإنّما يسلّم فيما إذا خوطب غير المبتلى بالواقعة بخصوصه بخطاب مستقل ، وأما إذا خوطب في ضمن عموم المكلّفين فلا نسلّم الاستهجان فتأمل ، والسرّ في ذلك كلّه أن حسن الخطاب والحكمة فيه ليس منحصرا في إيجاب البعث والزجر في نفس المكلّف بل قد تكون الحكمة مجرّد صحّة العقاب وترتب الثواب وغير ذلك مما يحسن به التكليف ويكون الأمر والنهي مصلحة.
والحاصل أنّ الفرق بين محلّ الابتلاء وغير محلّ الابتلاء بما ذكره
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٣٤.