والتحقيق في جوابه أن يقال : لو سلّمنا دوران الأحكام مدار حسن المأمور به ، وأنّ عنوان المأمور به أو الغرض منه هو نفس المصلحة الواقعية لم يقتض ذلك أيضا وجوب الاحتياط بالنسبة إلى أجزاء المركب الذي يحصل به تلك المصلحة إذا كان هذا المحصّل أمرا تعبديا كما فيما نحن فيه ، بل يحكم العقل بالبراءة عن الجزء المشكوك فيه بقبح العقاب بلا بيان ، ولا فرق في حكم العقل بالبراءة بين كون المشكوك جزء نفس الواجب أو جزء ما يحصل به عنوان الواجب ويحققه بعد اشتراكهما في أنّ بيان تلك الأجزاء وظيفة الشارع ، نعم لو لم يكن بيان المحصّل والمحقق وظيفة الشارع بأن كان من الأمور العقلية والعرفية اقتضى وجوب الاحتياط ، وليس فليس.
قوله : أما الأول فلأنّ عدم جواز المخالفة القطعية (١).
لا يخفى ما فيه من سوء التأدية ، وكان الأولى أن يقول أما الأول فلأنّ العلم الإجمالي فيما نحن فيه ينحلّ إلى العلم التفصيلي بوجوب الأقل والشك البدوي بوجوب الأكثر الراجع إلى الشك في وجوب الجزء المشكوك فيه ، ويعلله بقوله فإنّ وجوب الأقل بمعنى استحقاق العقاب بتركه معلوم تفصيلا إلى آخر ما ذكره ، ويضمّ إليه : وهذا بخلاف الأكثر فإنّ استحقاق العقاب على ترك الأكثر أي الجزء المشكوك لكونه غير معلوم الوجوب منفي بقبح العقاب بلا بيان ، وكيف كان فالأمر سهل بعد وضوح مراده.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٣٢٢.