قوله : وأما الشك فلمّا لم يكن فيه كشف ـ إلى قوله ـ كان حكما ظاهريا (١).
يستفاد من ظاهر كلام المتن هنا أنّ الحكم الوارد في مورد الشكّ لا بدّ وأن يكون حكما ظاهريا يطلق عليه الواقعي الثانوي في قبال الحكم الواقعي الأولي ، والدليل الدال عليه يسمى أصلا يطلق عليه الدليل الفقاهتي في مقابل الدليل الاجتهادي ، ويظهر سرّ ذلك مما ذكره في أواخر رسالة الاستصحاب في أوّل عنوان تعارض الأصول قال : ثم المراد بالدليل الاجتهادي كل أمارة اعتبرها الشارع من حيث إنّها تحكي عن الواقع ويكشف عنه بالقوّة ، وتسمى في نفس الأحكام أدلة اجتهادية وفي الموضوعات أمارة معتبرة ، فما كان مما نصبه الشارع غير ناظر إلى الواقع ، أو كان ناظرا لكن فرض أنّ الشارع اعتبره لا من هذه الحيثية بل من حيث مجرّد احتمال مطابقته للواقع فليس اجتهاديا وهو من الأصول ، وإن كان مقدّما على بعض الأصول الأخر (٢) انتهى موضع الحاجة.
ومحصّله : أنّه يعتبر فيما يعتبر أمارة ويكون دليلا اجتهاديا أمران : كونه في نفسه ناظرا إلى الواقع ، وأن يكون اعتباره من حيث كونه ناظرا إلى الواقع ، فلو كان اعتباره بدون أحد القيدين يكون أصلا عمليا تقدّم عليه الأدلة الاجتهادية.
والتحقيق : أنّ الدليل الاجتهادي أعمّ من ذلك ، ومناطه جعل الشارع مؤدّاه واقعا تنزيلا سواء كان مؤدّاه ناظرا إلى الواقع أم لا ، ففي مورد الشك الحقيقي يمكن أن يكون الحكم الوارد فيه دليلا اجتهاديا كما لو استفيد من دليله
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٠.
(٢) فرائد الأصول ٣ : ٣١٨ ـ ٣١٩.