ثم اعلم أنّ الدليل الحاكم قد يكون مخالفا للمحكوم كما في أدلّة الحرج والضرر بالنسبة إلى الأدلة المثبتة للتكاليف عموما ، وكما في الأدلة الاجتهادية المثبتة للتكاليف بالنسبة إلى الأصول العملية النافية ، وقد يكون موافقا للمحكوم كما في الأدلة الاجتهادية النافية للتكليف بالنسبة إلى الأصول النافية ، وكما في الأدلة المثبتة بالنسبة إلى الأصول المثبتة ، وكما في استصحاب طهارة شيء بالنسبة إلى استصحاب حلّيته ، ولا ريب أنّ المتّبع هو الدليل الحاكم في القسم الثاني أيضا وإن كان لا يتفاوت الحكم لكن يثمر في الأمور الأخر كمقام المعارضة وغيره.
واعلم أيضا أنّ كلا من الدليل الحاكم والمحكوم يمكن أن يكون من الأدلة الاجتهادية ويمكن أن يكون من الأصول العملية فهنا صور أربع :
الأولى : أن يكونا من الأدلة الاجتهادية وذلك كما في أدلة الحرج بالنسبة إلى عمومات التكاليف.
الثانية : أن يكونا من الأصول وذلك كما في حكومة الاستصحاب على سائر الأصول العملية وكما في حكومة الاستصحاب الموضوعي على الحكمي والاستصحاب السببي على المسببي على ما بيّن في محلّه.
الثالثة : أن يكون الحاكم دليلا والمحكوم أصلا ، وذلك كما في الأدلة الاجتهادية بالنسبة إلى الأصول العملية.
الرابعة : أن يكون الحاكم أصلا والمحكوم دليلا وذلك كما في الاستصحابات الجارية في الأجزاء والشرائط بالنسبة إلى نفس أدلة الأجزاء والشرائط بناء على أنّ مؤدّى الأصول أحكام ظاهرية ، مثلا لو تيقّن الطهارة ثم شك فيها واستصحب الطهارة ، فإن قلنا بأنّ الاستصحاب ليس حكما شرعيا بل