قوله : نعم لو أذن الشارع في ارتكاب أحدهما مع جعل الآخر بدلا (١).
جعل البدل إنما ينفع على تقدير تسليمه في عدم وجوب الموافقة القطعية لا في عدم حرمة المخالفة القطعية ، فإنّ في موافقة حكم البدل يحصل الموافقة الاحتمالية لأصل التكليف المعلوم ، وبالجملة محصّل الجواب عن هذا السؤال أنّ العلم الإجمالي وتنجّزه يكفي في عدم جواز المخالفة القطعية.
قوله : وأما الحاكم فوظيفته أخذ ما يستحقّه المحكوم له على المحكوم عليه بالأسباب الظاهرية (٢).
هذا مسلّم فيما إذا احتمل كون أخذه حقا موافقا للواقع لا فيما علم كونه مخالفا للواقع ، والمقايسة بإذن المفتي كلا من واجدي المني في الثوب المشترك في دخول المسجد في غير محلّه ، لأنّ مرجع إذنه إلى الفتوى بأنّ الشاك في جنابته يجوز له دخول المسجد ، وليس دخولهما مما يتعلّق بفعل الحاكم ، بخلاف ما نحن فيه فإنّ أخذ الحاكم للمال المقرّ به وقيمته من المقرّ من فعله يعلم بكون أحدهما من غير حق ، ومن هنا نقول في مسألة واجدي المني لا يجوز للحاكم أو غيره استيجارهما أو أحدهما لكنس المسجد بناء على اعتبار العلم الإجمالي ، لأنّ الدخول حينئذ مستند إلى المستأجر ويقال إنه حملهما على الدخول ، فظهر صحّة النقض بالمثال المذكور لكن على المشهور من سماع الإقرار الثاني بعد الإقرار الأول ونفوذ كلا الإقرارين.
وهنا قولان آخران : أحدهما منسوب إلى أبي علي وهو أنه إن كان المقرّ حيا سئل عن مراده وعمل عليه ، وإن كان ميتا كان المقر لهما بمنزلة متداعيين
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٠٤.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٢٠٧.