وحكى عن غيرهما أيضا في بعض جزئيات المسألة كالشاك في الاستطاعة لعدم العلم بمقدار ماله فأوجبوا الفحص بالمحاسبة ، وكالشاك في بلوغ ماله من النقدين نصاب الزكاة من جهة الغش فأوجبوا التصفية ، وإن احتمل أن يكون نظرهم في هذه المسألة إلى رواية زيد الصائغ ، وكيف كان فإن كان مستند عدم وجوب الفحص هنا إطلاق أدلة البراءة فليكن كذلك هناك لاشتراك الدليل واتحاده في المقامين.
وقد يقال : إنّ نظرهم في الفرق إلى ورود مثل «كل .. ولا تسأل» ونحوه في الشبهة التحريمية دون الوجوبية ، وفيه ما عرفت.
وبعد اللتيا والّتي لا يخفى أنّ مقتضى قاعدة الاشتغال العقلي كما أشار إليه صاحب المعالم (١) وجوب الفحص مطلقا في المسألتين ، وبها يضعّف إطلاقات الأخبار ويوجب انصرافها إلى ما بعد الفحص ، فالمسألة في غاية الإشكال ، وما وجّه المصنف الفرق بين المسألتين من أنه يلزم المخالفة القطعية الكثيرة في الشبهة الوجوبية لو بني على عدم الفحص كما في الشاك في الاستطاعة المذكورة ضعيف لوروده في الشبهة التحريمية أيضا كما لا يخفى على المتأمّل هذا ، وانتظر لتمام الكلام في آخر الرسالة إن شاء الله عند تعرّض المصنف.
قوله : والمعروف من الأخباريين هنا موافقة المجتهدين في العمل بأصالة البراءة (٢).
فإن قلت : إنّ أدلة وجوب الاحتياط على تقدير تماميتها عقلها ونقلها شاملة للشبهة التحريمية والوجوبية بوجه واحد ، فما بال الأخباريين اتّفقوا على
__________________
(١) لاحظ المعالم : ٢٠١.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٤٢.