كما في المتن ، لكن لا بدّ أن يراد منها غير الصورة التي يعلم زوال الشك وحصول العلم بالواقع بأدنى تأمل والتفات مثل أنه يشك في كون الإناء خمرا مع أنه يعلم أنه لو نظر إلى لونه أو استشم رائحته يظهر له أنه خمر أو لا ، فينبغي القطع بعدم شمول أدلة البراءة لمثله ، إما لعدم صدق الشك في مثله عرفا أو لانصراف الأدلة عنه ، وبمثل هذا استدل لما ذهبوا إليه من وجوب التروي في حكم شكوك الصلاة وإلّا فلا دليل عليه ، بل لا يبعد أن يدّعى انصراف الإطلاقات إلى غير صورة العلم بأنه بالفحص ينكشف الواقع ويرتفع الشبهة مطلقا ، وهكذا نقول في أخبار الاستصحاب وسائر الأمارات.
إلّا أنه قد ورد في أخبار اعتبار سوق المسلم ما يدلّ على عدم وجوب السؤال والفحص مثل قوله (عليهالسلام) «كل ... ولا تسأل» (١) وكذا في حكاية المنقطعة بحيث يعلم منها شمولها لصورة إمكان تحصيل العلم أيضا ، لكنها تقتصر على مواردها ، إلّا أنها لا تخلو عن تأييد لإطلاقات البراءة بملاحظة أنّ حكمة جعل الأصول والأمارات التسهيل على العباد وكون الشريعة سمحة سهلة.
ويؤيدها أيضا حكاية رشّ الإمام (عليهالسلام) ثوبه بالماء عند دخول الخلاء لسدّ باب العلم بالنجاسة وإحداث وجه الشبهة ، ومن ذلك كله يضعف وجه الانصراف المذكور ويقوى العمل بإطلاقات أدلة البراءة الشاملة لما قبل الفحص.
إلّا أنه يبقى سؤال الفرق بين الشبهة الموضوعية التحريمية والوجوبية فإنهم لم ينقلوا خلافا في الأول بخلاف الثاني أعني الشبهة الوجوبية فإنّ المصنف في آخر رسالة البراءة حكى خلاف صاحب المعالم والمحقّق القمي
__________________
(١) الوسائل ٢٤ : ٧٠ / أبواب الذبح ب ٢٩ ح ١.