وقد يتخيّل عدمه بدعوى أنّ الآثار مترتبة على الفعل بشرط العلم التفصيلي بعنوان المحرّم حين الارتكاب لا عند الجهل بالعنوان. وفيه : منع الدعوى بل الآثار مترتبة على الفعل ما لم يكن المكلّف معذورا فيه كما هو كذلك بالنسبة إلى الحكم التكليفي بعينه ، والجهل التفصيلي مع العلم الإجمالي ليس بعذر عقلا بل ولا شرعا على ما سبق من المصنف ومبنى البحث عليه ، بل الجهل في الشبهة البدوية أيضا لو لم يكن المكلّف معذورا فيه لا يوجب منع ترتّب مثل الآثار المذكورة مثل ما لو وجب الفحص فيه وإن كانت الشبهة موضوعية كما لو اشتبه مؤمن بكافر مهدور الدم فقتل أحدهما وتبيّن أنه مؤمن فيقتصّ منه لأنّه غير معذور فيه ، إذ الأصل في الدماء الحرمة.
وقد يفصّل بين ما لو كان من الأول بانيا على ارتكاب الحرام في البين بارتكابهما ثم ارتكبهما أو ارتكب أحدهما وبدا له في عدم ارتكاب الآخر وتبيّن أنّ ما ارتكبه كان حراما ، وبين ما لم يكن بانيا على ذلك أوّلا فارتكب أحدهما وتبيّن أنّه الحرام أو بدا له فارتكب الآخر أيضا ، فيحكم بترتّب الأثر في الأول دون الثاني ، وكأن المفصّل جعل العزم على فعل المحرّم حين ارتكابه مأخوذا في موضوع الحكم بالآثار.
وفيه : ما مرّ من أنّ الموضوع نفس ارتكاب المحرّم مع عدم عذر شرعي فلا وجه للتفصيل.
قوله : وهل يحكم بتنجّس ملاقيه؟ وجهان (١).
الأولى أن يكون التعبير هكذا وهل يحكم بوجوب الاجتناب عن ملاقيه؟ وجهان إلى آخره ، لأنّه لا يحكم بنجاسة الملاقى بالفتح وإنما يحكم بوجوب
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٣٩.