تنبيه :
قيل إنّه لا يعقل التخيير الاستمراري في مسألتنا هذه ، فلا بدّ من أن يراد من التخيير في أخبار الباب التخيير البدوي ، وذلك لأنّ موافقة أحد المتعارضين لا تحصل إلّا بأخذه أبدا ، ألا ترى أنه لو قال لا تشرب الخمر مثلا لا يحصل امتثال هذا التكليف إلّا بترك الشرب أبدا في جميع الوقائع والأزمان ، وإلّا فلو شرب في وقت من الأوقات فقد عصى ولم يمتثل النهي وإن ترك في سائر الأوقات.
وفيه : أنّ الامتثال أو المخالفة يعتبر بالنسبة إلى كل واقعة واقعة ، ففي كل واقعة وافق خطاب الشارع فقد امتثله ويستحقّ به المدح والثواب لو كان بقصد الإطاعة ، وفي كلّ واقعة خالفه عصى ويستحق به الذم والعقاب بذلك ، لأنّ الخطاب الواحد ينحلّ إلى خطابات عديدة فيما إذا كان متعدّد الوقائع ، ويلحق كلّ واقعة حكمه من الإطاعة والمعصية ، وليس مجموع الوقائع أمرا واحدا باعتبار التكليف بها من حيث المجموع حتى يتوهّم أنّ له إطاعة واحدة ومعصية واحدة ، نعم لو ادّعى أنّ الظاهر المتبادر من أخبار التخيير هو التخيير البدوي كان قريبا فتدبّر.
قوله : ويرد على الأول أنّ الحكم في ذلك هو تحريم الوطء (١).
وذلك لما ذكرنا في صدر المسألة من أنّ محل الكلام ما إذا لم يكن هناك أصل موضوعي يتعيّن به حكم المسألة ، أو كان وكان معارضا بمثله باعتبار العلم
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٩٣.