كان الأصل فيه التساقط والرجوع إلى الأصل في المسألة الفرعية.
ثم إنّ حكم دوران الأمر بين الوجوب والحرمة من جهة تعارض الأدلة ليس مختصا بما لم يحتمل سوى هذين الحكمين ، بل يشمل ما إذا احتمل أحد الأحكام الثلاثة الأخر أو جميعها إذا لم يرد نصّ يوافق ذلك الاحتمال ، فإنّ هذا أيضا داخل في حكم المسألة من التخيير ، وذلك لأنّ المتعارضين يشتركان في نفي ذلك الاحتمال وهما حجة من هذه الجهة لا تعارض بينهما ، وإنما التعارض باعتبار إثبات نفس مدلولهما.
ثم لا يخفى أنّ التخيير الثابت في هذه المسألة لا يتردّد أمره بين كونه مخيّرا في العمل أو في الأخذ ، بل الثاني متعيّن لظاهر أخبار التخيير مثل قوله (عليهالسلام) «بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك» (١).
قوله : وبعد الأخذ بأحدهما لا تحيّر فتأمل (٢).
لعل وجهه أنّ موضوع المستصحب هو الخبران المتعارضان في لسان الدليل ، وهو معلوم البقاء فلا مانع من الاستصحاب ، بل التحقيق أن يقال إنّ الموضوع هو المكلّف الذي أتاه الخبران المتعارضان وهو باق جزما ، لأنّ الموضوع الذي يعتبر العلم بتحققه في جريان الاستصحاب هو معروض الحكم المستصحب لا ما أخذ موضوعا في لسان الدليل ، فإنّ التعارض المأخوذ في الدليل موضوعا للحكم هو علّة حدوث الحكم ، وتمام الكلام في مبحث الاستصحاب إن شاء الله.
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٠٨ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٦.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٩٢.