قوله : إلّا أن الإذن الشرعي ليس لازما شرعيا للمستصحبات المذكورة بل هو من المقارنات (١).
يعني أنّ المستصحبات المذكورة الثابتة حال الصغر ليست من سنخ الحكم الشرعي بل إنما يكون عدم المنع من الفعل في حال الصغر من جهة عدم الحكم بالمرة ، والمطلوب إثبات عدم المنع في حال البلوغ بمعنى حكم الشارع بالإباحة والإذن والترخيص ، وهذا المعنى ليس عين المستصحب وهو واضح ولا لازما شرعيا له ، بل الحكم بثبوته متوقف على ضمّ مقدمة خارجية وهي عدم خلوّ فعل المكلف عن الحكم حال البلوغ ، فإن لم يكن هناك منع بحكم الاستصحاب فحكمه الإباحة ، ومن المعلوم أنّ الاستصحاب لا يثبت ذلك بناء على عدم حجية الأصول المثبتة ، هذا.
ويمكن توجيه الاستدلال بالاستصحاب ودفع ما أورد عليه بوجوه ثلاثة :
الأول : أن يقال إنّ عدم المنع عن الفعل في حال الصغر قابل للاستصحاب وكاف في المطلوب ، أما أنه قابل للاستصحاب فلأنّا نمنع اعتبار كون
__________________
ويكون هذا دليلا على البراءة وأي دليل أقوى من ذلك ، ولا يرجع هذا إلى الدليل العقلي السابق أعني قبح العقاب بلا بيان ، لأنّ المدعى في هذا الدليل عدم الحكم ظاهرا ولو لم يكن المولى ممن يعاقب على مخالفة أحكامه.
وبعبارة أخرى لا تتحقق مخالفة في مرحلة الظاهر لكي يجب تركها بالاحتياط ، وما ذكر من النقض بأصالة البراءة قبل الفحص غير وارد ، لأنّ وجه عدم إجراء قاعدة البراءة هناك إجراء قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، ومن المعلوم أنه على هذا التقدير لا يتمّ الدليل هاهنا أيضا ، فإنّ القاعدة من أدلة الأخباري لوجوب الاحتياط فلو تمّت كانت واردة على هذا الدليل العقلي كما أنّها واردة على الدليل العقلي السابق كما صرّح به في المتن.
(١) فرائد الأصول ٢ : ٦٠.