قوله : وهذا المعنى أظهر وأشمل لأنّ الإنفاق من الميسور داخل فيما آتاه الله (١).
يعني أنه لو حمل على المعنى الأول لا يفيد إلّا ما يفيده ما قبله فيكون تأكيدا ، بخلاف الحمل على الثاني وكون الموصول عبارة عن نفس الفعل والترك فإنّ هذا يعمّ الإنفاق وغيره ويصير بمنزلة كلية الكبرى لسابقه فكأنّه قال : لا ينفق من قدر عليه رزقه أزيد مما أعطاه الله لأنّه لا يكلف الله نفسا بفعل أو ترك إلّا بقدر وسعه (٢).
قوله : وإرادة الأعم منه ومن المورد تستلزم استعمال الموصول في معنيين ، إلى آخره (٣).
أراد أنّه وإن كان يمكن جعل الموصول عبارة عن الشيء ويكون مفهومه أعم من التكليف الذي هو مناط الاستدلال ومطلق الفعل أو الترك أو خصوص المال الذي يناسب المورد ، لكنّه لا جامع بين تعلّق الفعل أعني لا يكلّف الله بنفس الحكم وبين تعلّقه بالفعل المحكوم عليه ، لأنّ تعلّق الفعل بمفعوله المطلق يباين تعلّقه بالمفعول به ، فإن أريد عموم الموصول بحيث يشمل نفس الحكم
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢١.
(٢) أقول : وفيه : أنه على التقدير الأول أيضا يكون قوله : لا يكلّف الله إلى آخره أعم من سابقه ، إذ هو أعم من الإنفاق على المذكور في الآية ، فيصير المعنى حينئذ : من لم يقدر على تمام النفقة فلينفق بقدر الميسور لأنّه لم يكلّف الله على بذل مال مطلقا إلّا بقدر الميسور. وكيف كان ، يكون الموصول على التقديرين مفعولا به ، وهذا بخلاف الاحتمال الثالث الذي هو مبنى الاستدلال فإنّه يكون الموصول فيه مفعولا مطلقا ويكون المراد من الآية لا يكلف الله نفسا إلّا تكليفا آتاها أي أعطاها ، وإعطاؤها التكليف بإعطاء علمه إياها فكأنّه قال : إلّا تكليفا أعلمها.
(٣) فرائد الأصول ٢ : ٢٢.