ليصحّ الاستدلال به لزم كون الموصول مفعولا مطلقا وبه ، ولا يتمّ ذلك إلّا بإرادة معنيين من الموصول ليصحّ التعلّقان كل بالنسبة إلى معنى ، هذا.
ويمكن أن يقال على تقدير جعل الموصول أعم يصحّ أن يجعل مفعولا به ويعم الحكم أيضا بحيث يتم الاستدلال ، ببيان أنّ المراد بالموصول هو الفعل والترك لا غير إلّا أنّ الإيتاء والإعطاء يعمّ الحكم فإنّ إعطاءه تعالى ما يتعلق بالفعل يكون بالإقدار على الفعل والإقدار على المال فيما يكون الفعل متعلّقا بالمال كالإنفاق وإعلام حكم الفعل ، فيكون محصّل المعنى : لا يكلّف الله نفسا إلّا بفعل أعطى ما يكون من قبل الله إعطاؤه من القدرة والمال والإعلام.
وبوجه آخر وهو أن يحمل قوله : لا يكلّف على المعنى اللغوي ، ويكون مصداق الموصول مطلق الشيء الشامل للحكم ، ويجعل مفعولا به فيصير المعنى لا يكلف الله أي لا يوقع في الكلفة والمشقّة نفسا إلّا شيئا آتاها ، فإن كان حكما فإيتاؤه إعلامه ، وغيره إيتاؤه الإقدار عليه. وبعبارة أخرى يكون محصّل المعنى أنّ الله لا ينجّز شيئا على المكلّف إلّا بعد الإعطاء المذكور.
ولا يخفى أنه لا يصح الاستدلال بهذه الاحتمالات المخالفة للظاهر ، والغرض دفع محذور الاستعمال في أكثر من معنى لا صحّة الاستدلال ، ولعله (رحمهالله) إلى ذلك أشار بقوله فافهم.
قوله : ومما ذكرنا يظهر حال التمسّك بقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها)(١).
الظاهر أنّه أراد أنه مما ذكرنا يظهر أنه لا وجه للتمسك بهذه الآية أصلا
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٢.