البراءة في الشبهة الحكمية التحريمية حجة لا ينفع ولا يفيد المقلّد شيئا حتى يفتي بأنّ شرب التتن والقهوة وأمثالهما لا حرج فيها ، وأما لو أفتى بأنّ كل ما شك في طهارته أو حلّيته في الموضوعات فهو طاهر أو حلال ، فيكفي ذلك للمقلّد وهو يتصدّى لإجرائها وتطبيقها على مواردها الجزئية ، والسر في ذلك أنّ الشك المأخوذ في موضوع الأصول الحكمية لا يعتبر إلّا بعد الفحص والمقلّد ليس من أهله ، فينحصر موردها في شك المجتهد ثم إجراء الأصل ، وأما الشك في الشبهات الموضوعية فلا يعتبر فيه الفحص ، ولو فرض وجوبه فالمقلّد من أهله في الموضوعات.
قوله : وأما الأصول المشخّصة لحكم الشبهة في الموضوع كأصالة الصحة ، إلى آخره (١).
يريد به أنّ الأصول المختصّة بالشبهات الموضوعية لا تذكر إلّا لأجل مناسبة يقتضيها المقام ، وأما الأصول المشتركة فباعتبار جريانها في الشبهة الحكمية هو المقصود الأصلي من الرسالة لكن يتعرّض لجريانها في الشبهات الموضوعية بالتبع ، إلّا أنّك قد عرفت ما في ذلك فتدبّر.
قوله : ثم إنّ انحصار موارد الاشتباه في الأصول الأربعة (٢).
انحصار الأصول في الأربعة ممنوع في الشبهة الحكمية على ما هو مراده ، وإلّا فهو يسلّم عدم انحصار الأصول في الأربعة في الشبهات الموضوعية كما صرّح به قبيل ذلك ، ونحن نشير إلى جملة من الأصول المجعولة في الشبهة الحكمية غير الأربعة ليتّضح سند المنع :
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٤.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٤.